مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مؤسسة غنية عن التعريف بها، أو عن حجم تأثيرها على المجتمع السعودي منذ أن أنشأها الملك فهد رحمه الله. لقد حركت الراكد، وأزالت النقاط الحمراء، ودفعت للسطح معظم المسكوت عنه، وأجلست المتخاصمين على طاولة الحوار، وأشعلت الصحف بالنقاشات كصدى لما كان يدور على طاولة جلساتها، التي شارك بها العديد من مثقفي البلاد من كل مكوناتها وفئاتها، لكن يبدو أنها مؤخراً لم تعد تلقي الضوء على الخلاف، فتحوله إلى اختلاف، وتستفز الكراهية من مكانها وتضع بدلاً منها التفهم ولا أعرف لماذا؟. ربما لأننا جميعاً مشغولون بالنقاش ليس حول ما يدور بين ضيوفها، ولكن حول ما يبديه الأمناء تجاهنا كسعوديين، قد يراها البعض آراء شخصية من حقهم تبنيها، وقد يراها البعض آراء لا يمكن تجاهل صفتهم الاعتبارية عند سماعها. لأسباب عدة إنهم يتحملون مسؤولية إدارة الحوار وليس توجيهه، وهذا يوجب أن يكون كل واحد منهم كمسؤول في هذا المركز مجهول القناعات حتى لا يملأنا نحن المتحاورين الشك في سلامة وأمن إدارة الحوار.

كما أنه قطعاً لا يحق لهم ولا لنا تبني آراء إقصائية حول مكون أو فئة في المجتمع السعودي لأسباب جندرية مثلاً، وإصدار أحكام تنتقص من أشخاص ينتمون للمجتمع، أو توزيع اتهامات تخوين قبل حكم محكمة سعودية بذلك، مما يجعل احتمالية جلوس هذه الفئة على طاولة الحوار الوطني في حكم المستحيل ما دام هؤلاء قد قالوا ما قالوا. قبل أيام أقصت السيدة كوثر الأربش فئة تظهر بقوة في المجتمع السعودي وهي النسويات، ووصفتهن في برنامج تلفزيوني بلفظ شعبي قد تسمعه وأنت تشرب شاهي الضحى «ياخي ماهن صاحيات». إننا نمر بمرحلة صعبة جداً مع الفتاة السعودية التي شاهدت نافذة الحقوق تفتح وهذا التغير المجتمعي، وانفتاح برامج التواصل فاختلفت ردة فعلهن، وردة فعل أسرهن أيضا، ودفع مؤسسات معادية لنا إلى محاولة استغلالهن، ما يجعل دور مؤسسات المجتمع الرسمية والإعلامية أكبر، ومهمتها أعظم نحو الاحتواء والتفهم المؤدي للتفاهم وليس الإقصاء لتحقيق فوائد شخصية، وهذا يحتاج مقالا آخر.