وقد أكد خادم الحرمين الشريفين لإخوانه قادة الدول، أهمية هذه النعمة، وبيَّن بكل وضوح من هو الذي يخرق سفينة الأمن، ويسعى في الأرض فسادا، مستشهدا بالحقائق والأدلة الواضحة، ذلك أن تشخيص الداء وتحديد مصدره أمام القادة الذين استأمنهم الله على رعاية شعوبهم، يجعلهم يتعاونون في اجتثاث هذا الداء، وهذا الأسلوب نجده في القرآن والسنة، يذكر الله مصدر الشر وخطوات أهله ثم يبين الطريقة المثلى لعلاج ذلك، كما في قوله تعالى: «إن الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عدوا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير». وقوله: «لا تتبعوا خطوات الشيطان»، وقوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون* هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور»، وقوله: «يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُون».
وخادم الحرمين الشريفين يسوس البلاد والعباد، حسبما جاءت به الشريعة، فذكر الداء والدواء، ولذلك قلت في بداية المقال لا عجب أن يدعو الملك سلمان إلى ما فيه الخير.
لقد حدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مصدر الشر والفتن، فذكر أن النظام الإيراني مستمر في تهديد أمن واستقرار دول المنطقة، والتدخل في شؤونها، وبيّن للجميع سبب استمرار هذا النظام في الأذية فقال: «إن عدم اتخاذ موقف رادع وحازم لمواجهة تلك الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني في المنطقة» هو ما قاده إلى التمادي في ذلك والتصعيد بالشكل الذي نراه اليوم".
وبعد هذا التوصيف الدقيق للواقع، ذكّر الجميع بأهمية تحمل مسؤولياتهم إزاء ما تُشَكله الممارسات الإيرانية ورعايتها للأنشطة الإرهابية في المنطقة والعالم، من تهديد للأمن والسلم الدوليين، واستخدام كل الوسائل لردع هذا النظام، والحد من نزعته التوسعية.
فهو -حفظه الله- لم يطالب إلا بوقف اعتداء المعتدي، وردعه عن بغيه وأذيته، وهذا مطلب شرعي، تدل عليه النصوص الشرعية، ويتفق عليه كل العقلاء، ولهذا كان البيان الختامي محل اتفاق بين قادة الدول، ولله الحمد.
فنسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، لما فيه صلاح البلاد والعباد، كما نسأله أن ينزل بأسه الشديد بقوى الشر وميليشياته، فإن بأس الله لا يرد عن القوم المجرمين.