«موظف الصحة راتبه كثير وما يداوم».. «موظفات الصحة ضايعات!».. جملتان تطرقان أسماع موظفي الصحة يوميا.. الأولى من مفرزات الحسد الشيطاني، والثانية من مفرزات الصحوة البائدة؛ وحتى وإن كان/‏‏ت موظفا في شركة «سين» للصيانة المتعاقدة مع الصحة بـ2700 ريال فهم يرون راتبه كثيرا!، ويبقى هذا الموظف الكادح «ما يداوم» حتى وإن كان متواجدا في قلب المنشأة الصحية، ويرونها «طويلة لسان» وغير مهذبة لأنها تخدمهم بإخلاص للأسف فوق ما لديها من مسؤوليات خارج العمل.

حقد وغضب غريبين يبديهما البعض في منشآت الصحة، وكان قد تمثل بعض منه عندما قلنا في مقالنا السابق «قننوا 937» ولم نقل «ألغوا»، وكم هو عجيب جدا أن يغضب البعض من التقنين الذي هو جوهر التنظيم وروح الإنتاج، هل يُفهم من هؤلاء الغاضبين - وبعضهم منسلخين من الذوق العام كما أوحت ردودهم في تويتر- أنهم يريدون الأمور «سبهللاً»؟!

خدمة 937 خدمة رائعة ولكن بتقنين، وأي أمر يكون المجتمع طرفا فيه عندما لا يخضع لضوابط فإنه يوقع الفوضى، ولعلي أذكر أهم ما يكون في تقنينها:

1- عند ثبوت أن الشكوى المرفوعة عن طريق 937 «كيدية»، وأن الممارس الصحي «مظلوم»؛ حينها يحال المشتكي «المتبلي» للجهات المختصة لأخذ الحق منه، ومن ثم يرد الحق للممارس الصحي المتبلّى عليه.

2- عندما يتم التحقيق مع ممارس صحي ويتضح أن الشكوى كيدية يتم رد اعتبار للممارس الصحي، ويؤخذ بعين الاعتبار المدة الزمنية التي صرفها الممارس الصحي لمجريات التحقيق بسبب الشكوى، ويعوض مقابلها ماليا، ويتحمل العوض المالي المدعي الكيدي، كما يتحمل تكلفة تعطيل المرضى الآخرين وأتعابهم وما نابهم من مضاعفات مبنية على شكواه المفتعلة.

3- عندما يثبت بأن سبب الشكوى هو تطبيق الممارس الصحي للنظام وعدم تلاعبه وفقًا لرغبة المراجع، فإنه يمنح الممارس الصحي شهادة شكر لحفظه لنظام الدولة ونزاهته، وينشر اسمه مشكورا في الصحف المحلية، ولا مانع من أن يصرف له ولو 10%‏ بدل تميز.

4- لا يكون همّ الوزارة مجرد المؤشر «الأصم»، ولا ينكر أحد مدى أهمية المؤشرات ومعنويتها، لكن المؤشر يعتمد على آلية اكتسابه النقطة الإيجابية، فليس كل مكتسب مقبولا، فعندما يكون المؤشر «طالع» وأرض الواقع «نازل» هنا تصبح القضية مجرد أرقام تضر ولا تنفع، فالجرح بهذا يبقى مغطى حتى «يخيس».

وقبل الختام؛ تحية مملوءة بالشفقة لأقسام «تجربة المريض» في منشآت الصحة، والذين تحول عملهم إلى أشبه ما يكون بـ«سنترالات» رد على مكالمات المشتركين.. أقصد المشتكين وحب خشوم الزعلانين! وكأنك في كاونترات شركة اتصالات ربحية!

ختامًا؛ أتمنى من وزير الصحة فتح شكاوى 937 على «جميع» منسوبي الصحة ومن ضمنهم وكلاء الوزارة والوزير نفسه؛ وعندها سيرون وسيرى بنفسه كم من المشتكين «سيتبلى» عليه رغم جهوده الواضحة، وكم من جاحد وناقم على هذا القطاع الخدمي المهم ستظهره اتصالاته، وكم من نكران لأعمال جليلة لا يتحملها إلا طبيب - ممرض - صيدلي وزارة الصحة!، وأقول: «قننوا 937 قبل أن تفقد الناس عافيتها، ولا يهمكم المؤشر فإن تقنينها هو الرفع الحقيقي لهذا المؤشر، وسيكون أخضر حقيقيا بالتأكيد» ودمتم بصحة.

@noooooon_s