لا أعني في مقالي اليوم وزيرا بعينه أو بلدا بعينه وإنما صفة بعينها، فهناك صنف من الوزراء واثق بنفسه، ومخلص في عمله، وأمين على مسؤوليته؛ ولذا يفرح بالنقد النافع الذي أشرت إليه في مقالي هنا بعنوان (النقد الوطني الإيجابي)؛ لأنه يساعده على تلافي الخطأ وسلوك الصواب. ولكن هناك صنف آخر على العكس، فلا يكتفي بتقصيره في عمله، وإسرافه في مدح نفسه، وهدر المال العام للتصفيق له، على حساب مصالح البلاد والعباد؛ وإنما يهاجم كل من ينقده لتطوير عمله؛ وذلك إما عبر متحدثيه الرسميين أو المستأجرين، أو بأفعاله تحت الطاولات وخلف الستارات إما بشراء الأصوات أو بكبتها عبر التعسف في استخدام السلطة. وحتى وسائل الإعلام نجد منها من يشارك في هذا التضليل، إما لجلب مصالح العقود والإعلانات مع تلك الجهات، أو خوفاً من لحوق الضرر بها، وهنا تفقد الوسيلة الإعلامية استقلاليتها ورسالتها حينما تتعارض مصالحها مع رسالتها، فتتحول إلى بوق تضليلي وفي أحسن الحالات تمنع النقد الموجه لمن لها مصلحة معه، وهذا محرم شرعياً ومُجرّم قانونياً ومعاب مهنياً. ولذا جاء القرآن والسنة بأهمية النصيحة لدورها الإيجابي، وأقامت الدول البرلمانات للقيام بهذا الدور الوطني الرقابي، وصار الإعلام مشاركاً في تعزيز التنمية ومكافحة الفساد لا العكس. والمستقبل جميل، والتاريخ لا يرحم، ولا يصح إلا الصحيح، وتحياتي للمخلصين من التنفيذيين والناقدين على حدٍ سواء.