بعد تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي 2019 تزايدت فرصة خلق رؤية إفريقية موحدة من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف الذي يعد من العوامل الهدامة للتنمية، ويرفع من نسب التخلف والرجعية، وبخاصة أن مصر تملك خبرات كبيرة في إستراتيجيات وآليات مكافحة الإرهاب سواء على مستوى القوة الصلبة الأمنية أو المستوى الفكري.

وقد بدأت مؤشرات ذلك من خلال تولي مصر تدريب قوات من إقليم الساحل والصحراء على مكافحة الإرهاب، كما أن مصر تضع تصورا لمرحلة مقبلة من الاتحاد تجسد قدرا كبيرا من اندماج العمل الإفريقي، كما أن مصر لديها من الإمكانيات ما يؤهلها لدعم الدول الإفريقية بما هو أكثر من الدعم الأمني واللوجستي.

لقد باتت الحركات المسلحة والمتطرفة تجد في الفقر والجهل والأمية وتراجع الاقتصاد والثقافة عوامل جذب لنموها، في بعض المناطق من القارة السمراء، وهو ما يحتم ضرورة العمل على مسارات متوازية من أجل مكافحتها واجتثاث العوامل الجاذبة لها وبخاصة على المستوى الفكري.

ولم تهدأ التحركات المصرية في تدعيم أواصر العلاقات بين دول القارة السمراء، وترسيخ سبل التعاون وبخاصة فيما يتعلق بمكافحة التطرف والإرهاب، بالمشاركة في مؤتمر الشباب في إفريقيا الذي عقد في أوغندا، وملتقى المنظمات الدينية في وسط وشرق وغرب إفريقيا، وتقديم الدعم للدول الشقيقة وبخاصة في السودان وجنوب السودان، وترسيخ التعاون في مكافحة الإرهاب بين مصر ونيجيريا، وبخاصة موقف الأزهر من جماعة بوكو حرام التي تهدد الدول والشعوب في غرب إفريقيا، كما تمتلك مصر وجنوب إفريقيا رؤية مشتركة في قضايا مكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، وتحقيق التنمية المتكاملة في إفريقيا، فمبادئ الوسطية والاعتدال التي تعد منهجا إسلاميا سمحا ذا أصول راسخة في مفهوم الأزهر للإسلام وسماحته تنبذ كل هذه الحركات المسلحة، والتي تتبنى الفكر المتطرف.

كما فازت مصر والاتحاد الأوروبي بالرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الخاصة ببناء قدرات دول منطقة شرق إفريقيا في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لعامين إضافيين حتى عام 2021، وعملت مصر على تطبيق الآليات الإفريقية في مواجهة الإرهاب والتطرف، وكان تسليم عشماوي لمصر تفعيلاً لآليات التضامن والتعاون الإفريقي لمواجهة التطرف واجتثاث جذوره.

إن مصر من خلال رؤيتها بعدم التدخل في شؤون الدول واحترام سيادتها، ونبذ العنف والتطرف تسعى إلى نشر مبادئ وقيم الإسلام الصحيحة من خلال ما تقوم به مؤسسة الأزهر الشريف على المستوى الفكري. كما أن مصر تعتبر التعاون والتكامل سبيل الشعوب نحو التنمية ولا سيما في القارة الإفريقية التي عانت ولا زالت تعاني من ويلات الحروب الأهلية والفقر والأمية، والتي خلقت بيئة خصبة ترعرعت فيها جماعات التطرف والظلام لتنال من عزيمة شعوبها نحو التقدم والرقي.