التطوير هو أول المهام المنوطة بأي وزارة في أي بلد في المجال التي هي معنية به، فإذا لم تواكب التقدم العالمي في أدوات العمل والتقنيات الحديثة وزوايا الإبداع فلا بد أن تصل شاءت أم أبت إلى نقطة الفشل. وإذا ما نظرنا إلى الشأن المحلي في بلدنا فإن القطاعات في المملكة تشهد تقدما ملموسا تواكب فيه وزارات الدولة تطورا ملحوظا، وسعيا حثيثا إلى الإفادة مما هو متاح من وسائل حديثة. تسهم في جودة العمل والُمخَرج النهائي للمشروع المنفذ، وعلى سبيل المثال نرى في وزارة النقل اتجاها مباشرا نحو تنويع الوسائل من توسع في شبكة القطارات وشبكات النقل البري، بزيادات مطردة عما سبق ومشاريع مستقبلية كتقنية (الهايبرلوب) وغيرها، مما يجعل لها هدفا تسعى لتحقيقه، وخطة عمل واضحة. ولكن يبدو أن الهايبرلوب التعليمي ما زال بعيد المنال إن لم يكن خارج اهتمام وزارة التعليم في قراراتها الأخيرة، حيث مني قطاع التعليم بخيبة أمل بعد صدور لائحة الوظائف التعليمية التي انتظرنا التطوير فيها في الأركان الأساسية للعملية التعليمية، فإذا هي تتوسع في المصطلحات والمراتب التصنيفية للمعلمين فقط، وعن مزاياهم المالية والحوافز والحرمان من العلاوة السنوية والتي هي حق للمعلم وليست امتيازا، ولن أتحدث في هذا الجانب رغم أهميته. ولكن الأهم لي كمعلم يطمح للنهوض بمعية كل من يهمه أمر الرقي بالتعليم في المملكة، هو تطوير العملية التعلیمیة بجوانبها المتكاملة من معلم وأداء ومناهج وبيئة مدرسية ووسائل تعلم، فماذا حدث من تطوير لهذه الجوانب في لائحة الوزارة الموقرة؟ لا شيء يذكر على الإطلاق! فبدلا من تهيئة الجو الملائم للمعلم أدخلوه في دهالیز المزايا المالية، لينتجوا لنا معلما قلقا دائم التفكير في مقابله المالي وعلاوته السنوية، وهي مهمة له ولا يلام في ذلك. والركن الأهم الآخر هو المناهج التي ما زالت وزارتنا تصر على عدم إحداث نقلة نوعية تتمثل في التحول الكامل للمناهج الإلكترونية التي إن حدثت تفتح آفاقا كبيرة للطالب والمعلم معا في توظيف التقنية والارتقاء بأداء ركني التعلم (المعلم - الطالب)، ولكن بقيت شحوم الفيل المتمثلة في الكتب المدرسية المثقلة لكاهل الطفل في المدرسة، على ما هي عليه والخالية من المجال التقني. ولتعيد الوزارة مرحلة الإخفاق الذي منيت به مع مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزیز -رحمه الله- لتطوير التعليم ونقله تقنيا واستبدال المناهج الورقية بالحاسب الآلي. ذلك المشروع الجبار الذي لم تقصر فيه حكومتنا بالدعم المالي ورصدت 9 مليارات ريال لتنفيذه. أما بيئة المدرسة وهيكلها فلا تقدم فيه أيضا، ولا ثمة نية لإدخال وسائل الترفيه والترويح فيها، وظل أسلوب النشاط اللا منهجي جامدا كما كان، لتحافظ على البيئة المنفرة للطلاب، والتي رأينا صورا متعددة ومتكررة لها في السنوات الماضية، كتمزيق الكتب والهروب الطلابي من المدارس بمعدلات متزايدة لا تشي ببيئة جاذبة محببة للطالب. والركن المهم الآخر، الإغفال العجيب لإدخال وسائل التعليم المساعدة للمعلم كالسبورة الذكية، التي لا توجد الآن إلا في مدرسة واحدة فقط من كل مئة مدرسة في المملكة، وظلت البقية على السبورة التقليدية، وتقصير إدارات التعليم في تزويد المدارس بها، وبغيرها كالبروجكتر ووسائل التحفيز التي تحمل المعلم ثمنها من جيبه على صورة جوائز وهدايا تشجيعية. فماذا قدمت وزارة التعليم بقراراتها في هذه الملفات الحيوية؟ فأنا كطالب أو ولي أمر لا يهمني مسمى المعلم إن كان ممارسا أو متقدما أو خبيرا إذا لم يكن بيده أدوات فاعلة تعطي في المحصلة تعليما متطورا يقود إلى جودة التعليم.