أذربيجان، وكما يسميها سكانها (أرض النار) بسبب خروج النار من أراضيها بلا حمم أو براكين، تأسست عام 1918، لتصبح أول جمهورية ديمقراطية في الشرق الإسلامي، والمؤسف أنها استمرت لمدة 23 شهرا فقط، بسبب غزو الجيش السوفياتي لها عام 1920، وأصبحت ضمن منظومة اتحاد الجمهوريات السوفياتية، حتى نالت استقلالها عام 1991، والمسلمون يشكلون اليوم نسبة 96% تقريبا من عدد السكان، وتعتبر المملكة من أوائل الدول التي بادرت بالاعتراف باستقلالها، وتمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد الاستقلال بعام، خلال الزيارة التي قام بها، طيب الذكر، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية -رحمه الله- لها، وبعد عامين تم افتتاح سفارة لها هنا، تزامنا مع زيارة الرئيس الراحل حيدر علييف للمملكة، ودعم المملكة لا يخفى لانضمام الجمهورية لمنظمة التعاون الإسلامي، وتأييدها لها في المحافل الدولية المختلفة، وبالفعل وجدتُ العاصمة (باكو) كما وصفها الشيخ محمد ناصر العبودي، الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي سابقا، في رحلته لها عام 1406: «مدينة فخمة، وبخاصة في ماضيها العتيد، الذي حاول حاضرها أن يبني عليه ففعل».
الموارد الطبيعية هناك غير محدودة، والثقافة ضاربة في عمق التاريخ، وأسلوب حياة الأذريين -النسبة الصحيحة لأذربيجان (أذري) أو (أذربي) وليس (أذربيجاني)- يمثل مزيجا فريدا ومتناغما من العادات والتقاليد والحضارات، حتى ألوانهم تقارب ألوان عرب الشمال، وتقاسيم وجوههم وملامحهم لا تكاد تختلف عنهم، ورغم معاناتهم قبل الثورة الشيوعية من الخلافات المذهبية، التي كادت تمزق وحدتهم، إلا أنهم يتمتعون ويستمتعون بالاحترام المتبادل، وحرية الاعتقاد، وتقارب أهل الأديان والمذاهب واضح، وبعدهم عن التعصب ملحوظ، وبدون شك أن هذا لم يصلوا إليه دون صعوبات ومتاعب ومفاهمات، وهذا هو الذي مكنهم من تحويل بلدهم من بلد يطلب العون الأمني والمساعدات الدولية، إلى بلد يسهم في العمليات الدولية لدعم السلام والجهود الإنسانية، مؤكدين أن بلادهم فريدة، ومتعددة الخصائص -أذربيجان الوحيدة في العالم التي تشهد 9 مناخات مختلفة في اليوم الواحد- مثبتين مقولة قائدهم الوطني (حيدر علييف) أن الاستقلال والتنمية الناجحة أبدية، ولا رجعة فيها.