جدة مدينة رائعة لها نكهة خاصة، ولها إبداعاتها الخاصة والفريدة حتى وهي في حالات حزنها وآلامها لا تخلو من إشراقات جمال وزهو، ثوبها الأسود في حدادها من كارثة السيل المدمر لم يخل من رسوم فخر وحكايات شجاعة وتضحية، وهل كان يمكن أن تحدث في غير جدة حكاية البنت التي سارعت إلى إحدى سيارات أبيها تقودها لتنقذه وإخوتها معه من غائلة السيل التي حاصرتهم، جدة بتوجهها الحضاري وانفتاحها ونظرتها الراقية للمرأة وقبولها مشاركتها المسؤولية مع الرجل، شجعت ملاك الفتاة السعودية الشجاعة للمسارعة بلا تردد لتقود السيارة إلى حيث والدها لتنقذه من الغرق هو وإخوتها الذين معه بسحبهم من وسط السيل إلى بر النجاة، ثم لم تكتف بذلك بل أنقذت عدداً آخر من العوائل كانوا في وسط سياراتهم، محاصرين بالسيل الهادر، فترمي لهم الحبال وتسحبهم بسيارتها، ولله در أبيها الذي علمها سواقة السيارات في نزهاتهم للبر، كان يعرف في نفسه أن قيادة السيارات ضرورة حياتية، وأنه لا بد للمرأة أن تتعلمها فقد تحتاجها يوماً لإنقاذ حياة أو للخروج من مأزق. لا بد لنا من تعليم أولادنا السباحة والسواقة فلا مكان الآن لركوب الخيل. ملاك المطيري الطالبة في المدرسة بعقلية والدها المتفتحة وبشجاعتها استطاعت بقيادتها للسيارة إنقاذ والدها وإخوتها وعدداً آخر من الناس، وواجبنا مكافأتها والاحتفاء بها، والعناية بتعليمها، وإطلاق اسمها على أحد شوارع الحي الذي تسكنه تقديراً لشجاعتها، ولعلها تكبر وتصير مثل العالمة السعودية غادة المطيري. إن المرأة السعودية إذا أعطيت الفرصة ورفعنا عنها الوصاية جديرة بكل تميز ونجاح.

*2009