لا أكاد أنسى صورة ذلك الحاج ودموعه بعد تلقيه العلاج مكملا مناسك الحج، لعله ذهب ولكن صورته من ذهني لم تذهب. قال تعالى: «فمن تطوع خيراً فهو خير له»، ها هي رحلة الحج انتهت وبالكاد وجدت الورقة التي كتبت بعضا من مواقف أيام الحج فيها.. وقلت لنفسي لم لا أنقل لكم جزءا من تلك المشاعر والمواقف.. وها أنا أكتب هذا المقال باختزال المشاعر والمواقف بمطار جدة مغادرا إلى مدينتي.

الحج رسالة سلام للعالم، قال تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، ولعل من أرحب وأرقى أوجه التطوع هو المساهمة في بناء الإنسان، فما بالكم في بناء الإنسان الذي يعتني بصحة وسلامة الناس. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيامِ العشر..). وقال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود «إن الشرف الأكبر الذي أكرم الله به بلادنا هو خدمتنا لضيوف الرحمن».

لن أحدثكم عن كمية الشعور الغريب الذي لا يوصف في تطوع الحج، قد جربت ميادين كثيرة بالإنجازات على مستويات محلية وخليجية وعربية ودولية، لم أشعر يوما بهذا الشعور الذي يخالج قلبي رغم بعد المسيرة ومشقة العمل. وما أجمل يوم عرفة.. ازدانت بأمطارها.. وكأنها إشارة من رب الأرض والسماوات «أشهدكم أني قد غفرت لهم».

نال المتطوعون شرف خدمة ضيوف الرحمن، ومساندة الجهود التي تبذلها الدولة لخدمة الحجاج. وقد قال النبي «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»، إن المتطوع الصحي أذن تسمع، وقلب يعطف، ويد تعمل لتشرق شمس الحياة على ضيوف الرحمن، فبين نزول في سجود، ونزول عند قدم حاج لتقديم الرعاية الصحية.. هنا يكون النزول ارتقاء، نعم انتهت رحلة التطوع «الأجمل أثرًا».. لكنها لن تُنسى سوف تصبح من الماضي وسيبقى أثرها إلى الأبد، قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

فمن أحيا له نفساً فكلُّ النّاس قد أحيا

وما المعنى بأن نحيا ولا نحيي بنا الدنيا؟!

ختاما:

التطوع الصحي في الحج يجمع 3 نونات: شرف المكان وشرف الزمان وخدمة الإنسان. شكراً لمجهودكم الرائع زملاء التطوع، سعيتم فكان السعي مشكورا.