نجحت المرأة السودانية في المشاركة الفاعلة في حصد نتائج جهودها في الثورة السودانية، بحصولها على مقعدين في المجلس السيادي وعلى أكثر من 18 % من إجمالي المقاعد، فيما تستعد لنيل 40 % من مقاعد البرلمان السوداني والعديد من المناصب في مجلس الوزراء. واستطاعت المرأة السودانية أن تتحدى التقاليد النمطية المرتبطة بنشاطها لتشكل عنصراً أساسياً للحراك الثوري الذي أطاح بأحد أعتى الدكتاتوريات في البلاد، بعد أن صمدت أمام الرصاص والغاز المسيل للدموع وألم الهراوات والعنف، لتسطر تاريخها بالدم والشعر والفن من أجل جيل جديد ينعم بالحياة والرفاه.

دور عظيم في المجتمع

وتقول الناشطة الصحفية إخلاص النو، إنه لا شك أن للمرأة دورا عظيما في المجتمع وتكوين رأي عام، خصوصاً أنها وصلت مراحل متقدمة في التعليم والتحضير للدراسات العليا بجانب تجاربها العملية الناجحة في شتي المجالات العلمية والعملية، وبالتالي فهي مؤهلة للمشاركة في الحكم ومقاعد البرلمان والسلطات التشريعية والتنفيذية بما تتحلي به من صبر وأمانة وخلق وحسن التدبير، والأهم من ذلك الجدية في العمل وعدم التهاون وبالتالي تكون قد نالت حقوقها كاملة في شتي المجالات.

حضور كبير في السيادي

وتقول إحدى الناشطات إن المرأة شكلت حضوراً كبيراً في المجلس السيادي بعضوين كاملين، وينتظر أن تشكل جزءاً مقدراً في الجهاز التنفيذي من خلال شغل وظائف الوزراء إلى جانب حصولها على 40 % من مقاعد التشريعي، لافتة إلى أن المرأة السودانية ستعمل جنباً إلى جنب مع الرجل لتحقيق السلام والقضاء على أي شكل من أشكال التمييز في المجتمع السوداني وبناء الدولة الجديدة.

مساهمة المرأة في الثورة

ويتفق الجميع أن غالبية من قدن الاحتجاجات والتظاهرات في ثورة ديسمبر كن من عنصر النساء سواء من طالبات المدارس أو الجامعات أو الخريجات أو موظفات الخدمة المدنية أو أمهات، وكن وقوداً حماسياً دفعن بالعديد من الرجال لتقدم الصفوف وتجاوز الخوف من «الزغاريد» والشعارات التي تدعو إلى الإقدام مثل «الرصاصة ما بتقتل .. يقتل سكات الزول».

أكثر الفئات معاناة

وأرجع المحلل الصحفي محمود عثمان، أن تواجد المرأة السودانية في غمار الثورة والمظاهرات اليومية وإصرارها على إسقاط نظام البشير يعود إلى أن المرأة أكثر الفئات الاجتماعية اكتواء بسياسة العهد البائد، سواء ما يتعلق بالوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار أو عملية الإقصاء التي مارسها النظام في مجال التوظيف أو المشاركة السياسية.

70 % من المتظاهرين

وذكر موقع Global Fund for Women أن النساء السودانيات كن على الخطوط الأمامية وشكلن ما يقدر بنحو 70 % من المتظاهرين في الشوارع منذ ديسمبر، فيما أطلق الكثير منهن الاحتجاجات القوية ضد النظام، وتابع «لقد كانت النساء في طليعة الثورة، أخبرتنا ناشطة في مجال حقوق المرأة في السودان. وقالت إنهن يرفعن أصواتهن ليس فقط ضد الدولة العسكرية ولكن ضد القيود الثقافية والعائلية لمجتمع تقليدي يعززه خطاب الدولة وسلوكياته».

المرأة قلب المعركة

وقالت صحيفة Independent البريطانية، إن المرأة السودانية كانت وقوداً للثورة السودانية، وحذرت القوى السياسية من تجاهلها وتهميشها بعد نجاح الثورة، لافتة إلى أن النساء عانين بشكل كبير من نظام البشير والقوانين المقيدة للحريات.

ووقفت المرأة السودانية في قلب المعركة بمختلف فئاتها شاعرة، وطبيبة، وطالبة، وبائعة شاي، وطباخة، بل وصحافية أيضا، وظلت قلب الثورة النابض، تتصدر الصفوف الأمامية، وتكافح من أجل التغيير، ورددت جنباً إلى جنب مع الرجل «تسقط تسقط.. تسقط بس، حكومة الذل، تسقط بس، حكومة الجوع، تسقط بس»، الشعار الذي رفعه الثوار.

ميزة الثورة السودانية

ويرى كثيرون أن الثورة السودانية ميزتها عن الثورات الأخرى المشاركة الواسعة للنساء، وكذلك شجاعة المرأة التي كانت تتحرك وسط الرصاص وتسعف المصابين دون أن تتخوف، بل سقطت كثيرات بالرصاص، أو مغشياً عليها بسبب الغازات المسيلة للدموع، مما اضطر أعوان النظام السابق ومليشياتها إلى قتلها بالرصاص الحي، إلا أن ذلك أشعل المزيد من نار الثورة حتى انتصارها.

تاريخ النضال النسوي

وأرجع بعض الناشطات قوة المرأة السودانية ومساهمتها القوية للثورة إلى دورها الممتد في أعماق التاريخ حينما شاركت في ثورات السودان 1825-1885، وكيف أن مهيرة شجعت الرجال لمواجهة المستعمر التركي، وكذلك دورها في النضال ضد الاستعمار الإنجليزي للسودان (1898-1956) حينما حملت ماندي عجبنا من جبال النوبة، رأس أبيها الملك الذي أعدمه الجيش الاستعماري، لكي تقنع به 17 ملكا لتوحيد قواهم ومحاربة الإنجليز من أجل حماية أراضيهم وتحرير شعوبهم.

المشاركة في السلطة

وتضيف النو أن مشاركة المرأة تعني تفهم الدولة لمكانتها وعدم هضم حقوقها والاعتراف بنضالاتها ووقوفها مع الثوار والسهر معهم وتقديم تضحيات جمة من أجل صنع التغيير الذي سيؤدي إلى تطوير البلاد والنهوض بها إلى مصاف الدول المتقدمة، متمنية التقدم والازدهار للسودان.

حبوبتي كنداكة

وشاركت المرأة شاعرة وفنانة ورسامة وصانعة طعام للثوار من أجل دعم إشعال مسيرة الاحتجاجات التي أسقطت، فضلاً عن بروزها كمخاطبة للجموع الهادرة في ساحة الاعتصام، إذ كانت آلاء صالح وإسراء أحمد زين العابدين، والدكتورة الشاعرة مروة بابكر وغيرهن الآلاف ممن كن في ساحة الاعتصام وقوداً للحفاظ على ألق الثورة حتى تحقيق النصر وتشكيل الحكومة الانتقالية.

آلاء صلاح أيقونة الثورة

وتحولت الناشطة آلاء صلاح إلى أيقونة الاحتجاجات في البلاد، بعد أن اعتلت في ساحة الاعتصام في الخرطوم سقف سيارة وألقت من «منبرها» شعرا وغناء وسط حشود متحمسة رددت بعد كل مقطع «ثورة»، فيما انتشرت بكثافة عبر الإنترنت بعد أن ظهرت بثوبها الأبيض وقرطها الذهبي، وهي تطلق الهتافات وسط المتظاهرين، ولقبت بـ «الملكة النوبية».

الاهتمام بقضايا المجتمع

وقالت آلاء صلاح، إن المرأة السودانية دوما هي فاعلة في المجتمع السوداني وتهتم بقضاياه وتطالب بحق شعبها وحقوقها كامرأة، وتابعت أن هذا «جزء من تاريخنا. في مملكة مروي القديمة كانت السيدات ملكات ويطلق عليهن اسم «كنداكة» وهو ما يستخدم الآن للنساء في هذا الحراك»، وأشعلت آلاء الثورة بقصيدة «أنا حبوبتي كنداكة».

وتشيد القصيدة بدور وتاريخ المرأة السودانية، إذ تصفها بـ «الكنداكة» وهو لقب أطلق على الملكات النوبيات قديما، وتقول القصيدة: «الدين بيقول الزول .. إن شاف غلط منكر .. ما بينكتم يسكت .. يبقى الغلط ستين .. كوز السجم بيغرف .. نحن اللي سقينا النيل .. من دمنا الفاير .. ما بننكتم نسكت .. في وش عميل جاير .. الطلقة ما بتحرق .. بيحرق سكات الزول حبوبتي كنداكة».

لماذا مشاركة المرأة في المناصب السيادية والتنفيذية والتشريعية ؟

- مشاركتها الفاعلة في الثورة السودانية التي أطاحت بالبشير.

- وصلت مراحل متقدمة في التعليم والدراسات العليا.

- تجاربها العملية الناجحة في شتى المجالات العلمية والعملية.

- مؤهلة للمشاركة في الحكم بما تتحلى به من صبر وأمانة وخلق وحسن التدبير.

- تاريخ المرأة السودانية يؤكد قيادتها للمجتمع ووقوفها ضد الظلم.