قبل فترة ليست طويلة شكت لي زميلة عربية من أنها تحاول كتابة ورقة علمية عن تمكين النساء في بلادها، لكن مشرفتها قالت لها بصرامة لتكن الورقة عن المرأة السعودية، ذلك سيجعل الموافقة على نشرها أسرع في المجلات العلمية المرموقة. لقد جعلت الميديا الغربية السعوديات وهن بالمناسبة الأعلى في العالم الإسلامي في التمكين الصحي، والآن بدأن في التمكين الاجتماعي يثرن غيرة نساء الجوار، فمثلا لأول مرة عربيا تستطيع امرأة تسجيل طفلها في السجلات المدنية وهو حق، حتى الغربيات لم ينلنه سوى قبل أقل من ثلاثين سنة -بريطانيا أنموذجا- وقد يبدو للبعض أن الأمر لا يستحق الاحتفاء، لكن في الواقع غيابه في أي مكان في العالم مشكلة كبيرة للأم والطفل، فقد يظل الطفل سنين دون هوية لأن والده غاضب عليها أو غائب عنها. على كل حال هذا الهوس بالسعوديات واستخدام ورقتهن للضغط على بلادنا أو تشجيع الفتيات على الهرب والتنديد ببلادهن في الغرب سينتهي قريبا، فالأصوات الخافتة للمنزعجين من هذا الاهتمام، والذي تترتب عليه مصاريف ضخمة تصرف على جمعيات خيرية تعقد مؤتمرات وتستضيف الفتيات وترسل مندوبيها إلى كل مكان، فإثارة الرأي العام في طريقها للزوال بعد القرارات الحاسمة الأخيرة. ما يدعوني لقول هذا هو وجود بعض الأصوات المتبرمة من تحمّل الدول ودافعي الضرائب هذه المصروفات في قضية لا معنى لها في وجود نساء في كثير من دول العالم تحتاج حقوقهن إلى معارك حقيقية، خاصة في التمكين الصحي، فمن يصدق أنه ما زال هناك نساء يمتن في الولادة لعدم وجود قابلة أو مستشفى، ليس فقط في اليمن، بل في أميركا الجنوبية وإندونيسيا والهند، ونساء تغتالهن جرائم الشرف مثل الفتيات في الأردن، والنساء من اللاجئين السوريين، كل هؤلاء يستحقون أموال دافعي الضرائب في الغرب. إن من المحزن حقّاً مشاهدة هذا الاهتمام ممن يدعون نقاء جهودهم وسلامة نياتهم تتجه لغير النساء المستحقات للدعم والشفقة لمجرد أن صحفيين وكتابا وحقوقيين وباحثين أيضا يجدون قضايا السعوديات أكثر تشويقاً.