في أحد القصص المتداولة حاليا، أن هناك رجلا في قديم الزمن وجد شخصا في الصحراء يحمل على ظهر ناقته حملا ثقيلا وقد أعياها التعب، فسأله عن هذا الحمل الثقيل الذي يضعه على ناقته؟ فأجاب صاحبها أنه يحمل على الجانب الأيمن أغراضا له، ووضع مثل وزنها من الحجر والرمل على الجانب الأيسر للناقة، لتعتدل الحمولة على ظهرها فتعتدل في مشيتها. فقال له هذا الرجل ليساعده في حل مشكلته، لماذا لا تنزل الحجر من على ظهرها وتقسم أغراضك بقسمين متساويين في الوزن، وتضع قسما على يمينها والآخر على يسارها وبهذا ستخفف نصف الحمولة التي لا حاجة لك بها، لتستطيع إكمال مشوارك.

نفذ هذا الشخص المقترح سريعا، وهو يكاد يطير فرحا، لأنه سيستطيع الوصول إلى أهله في وقت أقصر، وركب على ناقته، وقبل أن يغادر سأل هذا الناصح الذي ساعده عن مكانته الاجتماعية، فقال له (هل أنت شيخ دين أم شيخ قبيلة).

فأجابه صاحبنا (أبو الحلول) بصدق، فقال له (لا هذا ولا ذاك)، وإنما من عامة الناس، وما شأنك بمكانتي ما دامت النصيحة قد حلت مشكلتك.

فقام صاحب الناقة برمي النصيحة (وضرب بها عرض الحائط) وأرجع الأحجار إلى مكانها، لتزداد الحمولة ضعفا، وقبل أن يغادر المكان، قال لـ(أبي الحلول)، ما دام أنك لست شيخا فلماذا تعمل نفسك (شيخ) وتعطيني حلا، وغادر بناقته وهي تحمل نفس الأثقال التي ليس لها لزوم (لا له ولا لناقته، ولا حتى للأرض التي سيمران بها)، ولكنه مرتاح لأنه لم يتبع كلمة صادرة من غير شيخ دين ولا قبيلة.

ولو انتقلنا بآلة الزمن إلى يومنا هذا، فكم من مرة لم نقبل ولو قبلنا فسنقبل (بالعافية) أي حلول لمشاكلنا، لأنها وصلت إلينا من شخص ليس بالمكانة التي نريد أن نتلقى النصح من أصحابها فقط.

هل المهم أن النصيحة حلت مشكلتي أم المهم من قائلها؟ حتى وإن كان قائلها هو الإمبراطور البنجالي الحاكم لأوروبا الإفريقية بشحمه ولحمه، فهل المهم حلها لمشكلتي، أم المهم من قائلها.

نظرة للسماء: قد يجعل الله شفاء رجل صالح على يد طبيب ملحد، وما دام أن الله لم يضع شروطا لمن أرادهم سببا في حل مشكلات خلقه، فلماذا نقوم نحن بذلك.