نحتفل ويحتفل بنا العالم في هذه الأيام بمناسبة اليوم الوطني الـ89، وهذا يعني أن أغلبية القراء حضروا اليوم الوطني الـ79، ويدركون كيف كنا نحتفل آنذاك، وماذا تغير في هذه الأعوام العشرة الأخيرة.

في الذكرى الـ79 كان يعني اليوم الوطني للأغلبية أن هناك تجمهرا شبابيا غير منظم، يطغى عليه الصراخ والصياح، والتكسير والمعاكسات، حتى أصبح المواطن الصالح يخشى ما يحدث في ذلك اليوم لما سيتعرض له من مضايقات في الشارع ممن يعتقد أن هذا يوم إثبات عدم الانتماء للوطن بالحركات والرقصات الهستيرية التي لا دخل لها بالوطنية.

هذا من جانب التيار المكبوت الذي يعيش ثورة غير وطنية ضد التيار الصحوي، الذي يحاول أن يثبت وجوده في ذلك اليوم، ليجعل احتفالاتنا بذلك اليوم أشبه بالعزاء، فما إن يسمع رنة لموسيقى أو طبلة حتى يشعرنا بأن السماء ستمطر علينا شهبا ونارا، حتى إن هذا التيار كان ينكر علينا كطلاب مدارس أن نقوم بالتصفيق بعد الانتهاء من هذا النشيد الوطني، ويطالبنا بالتكبير.

أما من كان لديه مشاعر صادقة آنذاك وفكر أن يخرج وعائلته لمشاركة الوطن مشاعره، فكان يتحاشى أن يدخل بين تلك الأطراف لأنه يعلم بأن (المحتسبين) له بالمرصاد، وأنه لا قانون آنذاك يحميه من غجرية من يستطيع الوصول لحريته الشخصية ويقوم بنشر مقاطعه وهو يعتدى عليه، ممن لم يجد له شغلة لخدمة الوطن آنذاك إلا بالتشكيك والتنكيل ببقية المواطنين.

أما احتفال اليوم فبدأت التحضيرات قبله بشكل رسمي وفي جميع مدن المملكة بلا استثناء، وبحفلات يحييها فنانون عالميون، وبمحاضرات وندوات ثقافية تتعاطى مع جميع فئات وأطياف الشعب.

وفي هذه المناسبة تخرج المرأة والشابة السعودية من بيتها بمركبتها الخاصة، إلى مقر الاحتفالات، وهي واثقة من وجود قوانين صارمة، قد تزج بمن يعترض طريقها بنية الاعتداء أو التشهير خلف أسوار السجن لعدة سنوات، وغرامات بمئات الألوف من الريالات.

في هذه الاحتفالية يشعر كل مواطن بأنه مرحب به وبعقله وبثقافته أيا كانت خلفيته، ما دام أنها تبني هذا الوطن، ولم تعد حكرا على (بدوي دون حضري)، أو (أسمر دون أبيض)، أو (شيعي دون سني)، فكل هذه التصنيفات وبناء على القوانين المستحدثة تؤدي إلى عزل قائلها عن المجتمع حتى يعلم أنها تضر بالوطن، وهنا تشعر بأن الوطن هو ما يحتضنك ويحميك مهما كان ضعفك.

نظرة للسماء: في كل لمحة بارقٍ أدعو له// في ظل حامٍ عطرت ذكراهُ

وطني الحبيب.. وطني الحبيب.. وهل أحب سواهُ؟