كل سنة نشهد كمختصين عددًا من الحملات الإعلامية والاتصالية الفاشلة التي تتشارك أسباب الفشل نفسها. وكما سيلاحظ أدناه، فإن أسباب الفشل غالبًا تكون مرتبطة بعدم الشفافية وعدم تحمّل المسؤولية وعدم وضع خطة اتصال أزمة جيدة للتعامل مع الحدث بعد وقوعه. رغم أن 2019 مازال لم ينتهِ إلا أنه شهد عددًا من الحملات التي فشلت، وكانت جديرة بالرصد للتدبر. ولتجنب تكرار خطأ «زملاء المهنة» إن صحّ الوصف.

بدايةً من الحملات الإعلامية الفاشلة التي كان من تبعات فشلها، أن أرواحًا كثيرة أُزهقت، هو العمل الذي قامت به شركة الطيران الأميركية «بوينج»، حيث استحدثت طرازًا جديدًا من الطائرات «737 ماكس»، ولم تشرح لعملائها بشكل فعّال المواصفات الجديدة الموجودة في هذا الطراز، ولم تأخذ أراء العملاء بعين الاعتبار. وهنا نتكلم عن عدم توضيح الشركة؛ لأن نظام هذه الطائرة في التحليق الآلي يختلف عن أنظمتها الأخرى، وأن هناك عددًا من الطيارين قدموا شكاوى رسمية حول أعطال في نظام التحليق الآلي المتبع في هذا الطراز من الطائرات، ولم تتجاوب الشركة مع حديثهم، ما يعكس قصور الاتصال لديها. سقطت طائرة من هذا الطراز في إندونيسيا لتقضي على حياة 189 راكبًا، وبعدها بعدة أشهر سقطت طائرة أخرى من نفس الطراز في إثيوبيا لتقضي على حياة 149 آخرين، وبعدها وضعت هيئة المواصلات الأميركية من أصدروا شهادة توثيق لهذا الطراز تحت المساءلة والاستجواب. وربما كان يمكن تجنّب الحوادث المميتة، وتجنّب الوصول لهذه المرحلة مع السلطات، لو كانت الشركة تملك مسؤولين يُجيدون الاتصال الفعال مع العملاء، ويتعاملون بجدية مع الشكاوى المعنية بتجارب عملائهم. عدم تحمّل الخطأ والاستمرار في التجاهل هما سببان رئيسان في فشل هذا العمل الاتصالي لشركة «بوينج».

مثال آخر جدير بالملاحظة، هو ما حدث لشركة السيارات «نيسان» من تشويه سمعة مؤخراً، بعد اتهام رئيسها التنفيذي Carlos Ghosn كارلوس غصن، من قبل السلطات اليابانية، بعدم تزويدهم بمعلومات كاملة عن إيرادات الشركة من خلال هيئة سوق المال في طوكيو. واتهم الرئيس التنفيذي بالتحايل، وتمت إقالته واعتقاله من العمل، وفُرضت عقوبات على الشركة نفسها. ويمكن من خلال هذا الحدث ملاحظة أهمية وجه الرئيس بالنسبة للمؤسسات والشركات فيما يتعلق بتأثيره الإعلامي على الشركة عموماً، حيث إن الضرر في سمعة الرئيس يضر بسمعة المؤسسة نفسها كذلك. ويجدر الذكر أن هذا الرئيس التنفيذي هو رجل أعمال «فرنسي» الجنسية ما أثار حفيظة السفارة الفرنسية بطوكيو، وتسبب في نوع من المشادات الدبلوماسية بين البلدين. والحقيقة أن سبب هذه المشكلة في جوهره ليس إداريا أو تنفيذيا بل هو اتصالي متمثلاً في عدم الشفافية في طرح المعلومات المالية الخاصة بـ«نيسان» كافة. وجودُ مسؤولين اتصاليين يُقدّرون عواقب الأمور وسياقاتها سيحول دون إخفاء المعلومات المهمة خصوصًا إذا كان إخفاء هذه المعلومات يتعارض مع القانون المحلي، أو قد يضرّ بسمعة المؤسسة عالميا. «نيسان» فعّلت بعد ذلك إستراتيجيات اتصال أزمة، لتعيد ثقة المستثمرين فيها، وتستعيد موثوقية الحكومة اليابانية فيها.