قبل أمس كتبت عن (خونة لا معارضة)، وأمس عن (المعارضة المشروعة)، واليوم عن (معارضة الصحابة) كنموذج للمعارضة المشروعة في الإسلام، بحيث لا يحرم كل المعارضات وفي الوقت نفسه لا يباح الخروج على الولاة وإثارة الفتنة والإضرار بالبلاد والعباد تحت مسميات مضللة مثل المعارضة والثورة والإصلاح، مما يجيزونه لأنفسهم في حال كونهم لا يحكمون ثم يحرمونه في حال حكموا كما هو حال «الإخونجية» مع معارضيهم في عهد مرسي، فضلا عن الواقع التركي والإيراني والقطري اليوم الذي يبطش بمن يعارضه، والكيل بمكيالين كعادتهم الانتهازية المتناقضة.

والمعارضة في الإسلام مارسها الصحابة تحت عنوان النصيحة والرأي والمشورة وليس بالخروج والتمرد والعمالة.

والمعارضة لا تعني النفاق والافتراء، والعداوة والإساءة، والحقد والصراع، وإنما تعني الإيجابية البناءة بإبداء الرأي الخالص لوجه الله، دون أدلجة ولا تعصب ولا مصلحة خاصة ولا هوى وانتقام، فضلا عن الخيانة والارتزاق.

ولدينا العديد من النماذج للمعارضة الشرعية في عهد النبوة والخلافة الراشدة، كما حصل من رأي ونصيحة ومشورة مع الصحابة في غزواته عليه الصلاة والسلام، وما حصل في السقيفة، وحروب الردة وإنفاذ جيش أسامة في عهد أبي بكر، رضي الله عنه، ثم السياسة الاقتصادية في عهد عمر، رضي الله عنه، والموقف من الخوارج في عهدَي عثمان وعلي، رضي الله عنهما، فبعض الصحابة عارضوا ولكنهم سمعوا وأطاعوا ولم يعصوا، فضلا عن أن يخونوا.