يبدو أن المصطلحات والمفاهيم الخاطئة التي تجري على ألسنة الناس عادة دون أن يلقوا لها بالاً، وتتداول في المجالس، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على شكل أمثال وحكم، قد أخذت حيزا واسعا من المصداقية على ما فيها من خطأ واضح، وجرم فادح في بعض الأحيان. فأخذ الناس تلك الأقاويل والأمثال على محمل الجد، فأصبحوا يتكئون عليها، ظنا منهم أن لها مستندا قانونيا أو قاعدة شرعية. وقد صنفت هذه المفاهيم من قبل البعض على أنها مختصرات لمفردات الأمثال الدالة على الحكمة، كما عدها البعض الآخر -ظناً- موروثا شعبيا توارثته الأجيال، رغم أن كثيرا منها ما هي إلا أمثال خاطئة ومفاهيم مغلوطة ولا تمت للحكمة بصلة، وليس للموروث الشعبي علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد. ومنها ما له دلالات ومقاصد سلبية تتنافى مع المبادئ الإسلامية السمحة، بل إن كثيرا منها ذاع صيتها وانتشرت بين أفراد المجتمع نتيجة مشاهدات متكررة للمسلسلات المصرية، أو من خلال ما يرد في الأفلام الأجنبية. سأذكر هنا وعلى عجالة، واحدا من تلك المفاهيم والأمثلة التي يتداولها الناس فيما بينهم، على سبيل المثال لا الحصر، وهو المثل القائل (القانون لا يحمي المغفلين). علامة استفهام عريضة ارتسمت أمامي وأنا أفكر في هذا المثل، إذ كيف يمكن لهذا القانون الذي كفل الحفاظ على الكثير من مقومات ومقدرات الإنسان بشكل عام، والإنسان المسلم بشكل خاص، أن يتجاهل حماية المغفل لمجرد أنه غفل؟!. ثم يأتي بعد ذلك من يقول محتجا، بأن القانون لا يحمي المغفلين!. هذه الجملة على إطلاقها ليست صحيحة. فالشريعة الإسلامية (القانون) قد حمت حقوق الجميع، كما أولت هذا الجانب أهمية قصوى، واعتنت به عناية بالغة، ومن ذلك صونها وحمايتها الضرورات الخمس التي تقوم عليها مبادئ الجنس البشري، وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، فكيف يعجز هذا القانون عن حماية المغفلين، وقد استطاع الدين الإسلامي بتشريعاته الواسعة، الحفاظ على حق السفيه والمجنون، فكيف بالمغفل الذي قد يكون استغفل واستغل في غفلة من أمره، سواء ماديا أو معنويا بغير وجه حق وهو أولى بالحماية. هذا المثال، بهذا النص، ليست له قاعدة شرعية أو مرجع قانوني يمكن الاستناد عليه، وهذه العبارة على اعتلالها، واهنة مقصداً، وقد حظيت بقبول واسع بين العوام الذين يجهلون حقيقة الإجراءات القانونية في هذا الجانب، ومع الأسف لا تزال وإلى يومنا هذا، تمثل قاعدة راسخة، ومثلا دارجا بين العوام، نسمعه بين الفينة والأخرى على ألسنة كثير من الناس، ويمرره البعض لأغراض خاصة وتحقيق مآرب شخصية.