حظيت المظاهرات الأخيرة في «هونج كونج» بتغطية إعلامية واسعة من مختلف دول العالم، ولا تكاد تكون هناك وسيلة إعلامية شرقية أو غربية، لم تتطرق للحدث بتغطية كثيفة، وواسعة النطاق.

الجدير بالذكر أن التغطية الإعلامية لهذا الحدث اتّبعت خطابا مختلفا تماما بناء على مكان، وانطلاقة المنصّة الناقلة للخبر. فوسائل الإعلام الصينية ركزت في اهتمامها على تكسير وتخريب المتظاهرين للمرافق العامة، والفوضى التي تسببوا بها، بينما وسائل الإعلام الغربية ربطت الحدث بحقوق الإنسان، وطرحت احتمالية فصل «هونج كونج» عن الصين، فيما نقلت وسائل إعلام أميركية وجهة نظر المتظاهرين بتمركز، بينما في بريطانيا فإن هيئة الاتصالات في بريطانيا اتهّمت قنوات صينية بارزة مثل CGTN بعدم الحياد في تغطيتها لهذا الحدث، وعدم عرض وجهة نظر المتظاهرين.

وإلى جانب الخطاب الإعلامي، ظهر الاختلاف بين الصين والدول الغربية في جوانب تقنية أيضا، حيث إن شركات التقنية الأميركية كانت ممن تطرّقت لهم الحكومة الصينية فيما يتعّلق بهذا الحدث. فعلى سبيل المثال، تقول الصين إن شركة «أبل» سمحت بتحميل تطبيق يدعى HKmap.live والذي يدعو المتظاهرين لتتبع أماكن التظاهر، والمشاركة فيها، مما زاد من فوضى المتظاهرين والمحتجين.

وأشارت السلطات الصينية إلى أن التطبيق يستهدف الشرطة، عبر عرقلتها من تنظيم التظاهرات بشكل منسّق، حيث يكشف التطبيق للمتظاهرين أماكن وجود الشرطة فيتزايدون بأماكن مختلفة. هذا إضافة لترويج موقع «أبل ميوزيك» لأغانٍ تنادي باستقلالية هونج كونج عن الصين.

كما انتقدت وسائل إعلامية صينية لعبة الفيديو الأميركية Activision Blizzard، في سوق «أبل» التي يظهر فيها اللاعبون يتم رشقهم بالغاز ومسيل الدموع مكررين عبارات تم تداولها من قبل متظاهري هونج كونج. وأعربت السلطات الصينية عن امتعاضها من شركة «أبل» بسبب هذه التطبيقات المتعلقة بتظاهرات «هونج كونج» الأخيرة.

ويتّضح من جميع ما سبق أن مظاهرات «هونج كونج» الأخيرة تم تحميلها أثقالا سياسية واقتصادية وتقنية وإعلامية فيما يتعلّق بالصين. ويلحظ أن أحداثا كهذه على المستوى المحلي، قد تأخذ منحنى آخر عبر عولمتها بشكل كامل.

لم تعد الأحداث المحلية محلية في محدوديتها، وبات نطاقها واسعا وذا بُعد عالمي وأصداء واسعة بفضل التقنية. وما كان يحلّه اتصال الأزمات قبل سنوات، لم يعد قادرا على حلّه اليوم بالنظر لمستجدات التقنية ومتغيراتها. والحل، من وجهة نظري على الأقل، يتمثّل في وضع إستراتيجيات مبتكرة جديدة لاتصال الأزمات، في الحالات التي تمت عولمتها، وباتت التقنية عنصرا مساهما في تعقيدها.