يتنامى الشعور في الوقت الراهن بالحاجة إلى مشروع عربي جامع، يتصدى لحالة تكالب المشاريع المعادية التي تعتاش على غيرها، وتبني طموحها على تمزيق الجسد العربي، لتعبر نحو مشاريعها على أشتاته.

نحتاج إلى مشروع عربي حاليا يلملم التناثر، ويحشد السواعد والهمم، ويؤسس سياجا منيعا لصد الأطماع والمشاريع الاستعمارية التي خططت وعملت منذ عقود للنيل من العرب، فموّلت أذرعا، وصنعت أتباعا وأدوات للتمهيد للحظة الانقضاض على كل جغرافية العرب من المحيط إلى الخليج.

تحيط بالعرب 3 مشاريع استعمارية «إسرائيلية، تركية، إيرانية»، استطاعت خلال سنين طويلة أن توجِد لها أذرعا في المنطقة العربية، وهي إستراتيجية لجأت إليها بعد ارتطامها بصلادة الشعب العربي، الذي يستمد قوته من تاريخ مشترك، وانصهار ثقافي ممتدّ، لغةً وعقيدة ونسبا.

صنع الاستعمار المتربص أدوات على هيئة دول وجماعات، كالإخوان الذين يتعاملون مع الأمة العربية كنتوء يجب التخلص منه، للعبور صوب دولة الخلافة الإسلامية التي بدأت ملامحها تتشكل في تركيا «المقدسة».

وكانت دويلة قطر هي الوعاء القذر الذي ظهر على هيئة دويلة، والقفاز المسموم الذي ما لبث يثخن الجسد العربي جراحا.

وفي اصطفاف تتداخل فيه الغرابة مع الإخوان، مضوا في رحلة عبث طالت الأمة، معمقةً الجراح والفقر والقتل، والمرض، والفساد الشامل. يقابلهم الحوثيون، وحزب الله اللبناني كأدوات لإيران.

وتحت «يافطة» الحق الإلهي، وفرض الإمامة من جديد، كنظام متخلّف لا ينسجم، وروح العصر، ولا يمكن أن تُكتَب له الحياة في ظل ثورة الاتصالات والتقدم العلمي المتقاطع مع الخرافة.

أيضا شماعة القدس وفلسطين، واستثمار العاطفة الروحية والرفض العربي الشعبي المتصاعد ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي المقدسة.

حالات الاحتلالات للبلدان العربية من قِبل هؤلاء الخصوم الذين يتسللون بعباءة الدين والمذهب، تتجلى في أوضح صورها في العراق الشقيق، الذي لم يعش لحظة استقرار منذ وطئته أقدام الملالي ومندوبو الحرس الثوري الإيراني ونائب الإمام الغائب «الفقيه». العراق بلاد الرافدين والـ80 مليون نخلة، و5 ملايين برميل نفط يوميا، يعيش فيه مليون أسرة دون مصدر دخل، وترتفع فيه البطالة إلى أعلى مستوياتها، ولا يمر يوم دون سفك الدم العراقي، فيما يستأثر الملالي ومن لفّ لفّهم ممن يدينون بالولاء لإيران، بخيرات العراق.

إذا لم يكن الوجود الإيراني في العراق استعمارا قبيحا، فما الاستعمار إذًا؟!

تركيا، ممثلة في حزب العدالة والتنمية، استغلت الاحترابات في بعض دول الوطن العربي، وعملت ما أمكنها في تعطيل الصناعات كما حدث في سورية، وحوّلت الوطن العربي إلى مكب لمنتجاتها، وتحول الإخوان إلى مروّجين لمنتجاتها لدرجة اعتبار هذه المنتجات مقدسة، في حين سحبت الاستثمارات والأموال الناجمة عن عمليات فساد ماليّ، أبطاله وكلاؤها الإخوان.

ومن الواضح وجود علاقة علنية بين أطراف الاستعمار وأذرعه مجتمعة، كما هو الحال مع إسرائيل، في تجاوز وعدم احترام للعقل.

وبما أن مشاريع الاحتلال المحيطة بالعالم العربي وأذرعها باتت معروفة النوايا مكشوفة التكتيك، وبلغ سكينها العظيم، فقد أصبحت الحاجة إلى مشروع عربي في غاية الأهمية، ولا بد من تحرك جادّ ومسؤول لتشييد هذا المشروع الذي سيحظى بمساندة شعبية غير مسبوقة.