بعد رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي حملت عبارات مهينة لنظيره التركي ودلائل التوتر غير المسبوق بين واشنطن وأنقرة، أوفد ترمب أمس نائبه مايك بنس إلى تركيا لدفع إردوغان إلى القبول بوقف لإطلاق النار في سورية، بعد أن رفض الضغوط الدولية لوقف العملية العسكرية الدموية ضد الأكراد.

ضربة معنوية

ورغم توعد إردوغان بمواصلة العملية العسكرية، إلا أن رسالة الرئيس الأميركي إليه مثلت ضربة معنوية قاصمة لأنقرة، وتفوق بقوتها الضربات العسكرية، والعقوبات الاقتصادية، وتكشف بجلاء هشاشة السياسة في أنقرة وضعفها أمام العالم، قبل أن يترجم ترمب التهديدات والتحذيرات إلى عقوبات اقتصادية.

زيارة بنس وبومبيو

ويأتي بنس إلى تركيا برفقة وزير الخارجية مايك بومبيو وعدد من المسؤولين للوقوف فعلياً على تأثير نصائح ترمب لإردوغان حينما قال له في الرسالة «لا تكن أحمق»، إنه لا يريد أن يسجله التاريخ على «أنه شيطان»، بلغة لم تعرف لها الأعراف الدبلوماسية والسياسية بين البلدان مثيلا على مر التاريخ، وتحمل في طياتها كثيراً من الدلالات.

السيطرة على رأس العين

وحول التطورات الميدانية، أوضح رامي عبدالرحمن مدير المرصد أن القوات التركية والميليشيات المؤلفة من مقاتلين عرب وتركمان تستخدمهم أنقرة كقوات برية تمكنت فجر أمس من السيطرة على نحو نصف مساحة رأس العين بعد خوضها اشتباكات عنيفة ضد قوات سورية الديمقراطية، ترافقت مع غارات كثيفة مستمرة منذ ثلاثة أيام».

قطر تصطف

أثارت العملية التركية التي دخلت أسبوعها الثاني، حراكا دبلوماسيا ومواقف متباينة، إذ اصطفت قطر خلف العدوان التركي رغم تهديدات ترمب إلى إردوغان، ما يكشف بجلاء رعونة السياسة القطرية، خصوصاً أن خطاب ترمب للرئيس التركي تجاوز كل ما يمكن أن يقال، وبلغ حسب مراقبين حد الإهانة المباشرة.

تجاهل التهديدات

ولم ينتبه إردوغان لتهديد الرئيس الأميركي بالعقوبات حينما قال «لا تكن رجلًا قاسيًا وأحمقًا، فإن اقتصاد بلادك سيواجه عقوبات مدمّرة»، وهي رسالة تحذير مباشرة لإردوغان، حتى فرضت واشنطن عقوبات على ثلاثة وزراء أتراك وزادت الرسوم الجمركية على واردات بلاده من الفولاذ التركي، إلى جانب عقوبات على بنك «خلق».

وبلغ وصف ترمب لإردوغان إلى حد الصفع حينما قال «سأنظر لك كشيطان إلى الأبد».

وقف إطلاق النار

وعلى ضوء رسالة ترمب للرئيس التركي، يجيء نائب الرئيس الأميركي بنس الذي أعلن أن الولايات المتحدة ستسعى إلى فرض «عقوبات اقتصادية قاسية» على تركيا في حال لم يتم التوصل إلى «وقف فوري لإطلاق النار»، ما يعني أن رضوخ تركيا حتمي لواشنطن، خصوصاً أن ترمب ذكر إردوغان بقضية القس الأميركي الذي ناقض إردوغان وعوده ورضخ أخيراً للتهديدات وأطلق سراحه.

خطاب الإهانة

وقال ترمب لإردوغان «ولا تريد أن تكون مسؤولًا عن ذبح الآلاف، ولا أريد أن أدمّر الاقتصاد التركي، لأنني سأفعل. قم بالشيء الصحيح حتى يذكرك التاريخ، وإلا سأنظر لك كشيطان إلى الأبد!»، وتابع «سوف ينظر إليك التاريخ بشكل إيجابي إذا قمت بذلك بطريقة صحيحة وإنسانية، وسوف ينظر إليك إلى الأبد كشيطان إذا لم تحدث الأمور الجيدة»، ما اعتبر رسالة أيضاً لمحور الشر التركي الإيراني القطري.

وحمّلت الإدارة الأميركية في خطاب الإهانة الأخير إردوغان مسؤولية تدمير اقتصاد تركيا، والمذابح التي ترتكب في سورية، ووضع الأخير أمام تحدٍّ كبير في الرضوخ للتحذيرات الأميركية والتنازل عن لغة الكبرياء والغطرسة السياسية ووقف سياساته العدوانية في المنطقة، ما دفع إردوغان إلى التراجع عن رفض استقبال بنس.

ممر إنساني

الإدارة الذاتية الكردية طالبت، أمس، المجتمع الدولي بالتدخل لفتح ممر إنساني لإجلاء المدنيين والجرحى المحاصرين في مدينة رأس العين الحدودية، بعدما طوقتها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها وتدور فيها اشتباكات عنيفة، خصوصاً في ظل تقارير عن أن استهداف لمستشفى المدينة، الوحيد قيد الخدمة. ويقول مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «الطواقم الطبية محاصرة في مستشفى رأس العين الذي طالته الأضرار». ودافعت قوات سورية الديمقراطية طيلة الأيام الماضية بشراسة عن رأس العين، إلا أنه إثر غارات تركية وقصف كثيف متواصل منذ ثلاثة أيام، تمكّنت القوات التركية والفصائل الموالية لها من السيطرة على نصف المدينة.

تداعيات الهجوم

- 72 مدنياً قتلوا جراء نيران الجيش التركي والفصائل

- 1,800,000 شخص يحتاجون للمساعدة

- 1000 مدني تقريباً فروا من مناطق الإدارة الذاتية الكردية.

- 68 ألف نازح يقبعون في مخيم الهول للنازحين.

- 32 منظمة دولية غير حكومية تعلق نشاطاتها.