الإنسان حينما تعامل مع البيئة -للمرة الأولى- وألفها، تعامل معها تعاملا متوازنا، دأب على استثمار خيراتها من ثمار وحيوان ومياه وأرض وهواء، خير استثمار، رغم إمكاناته المتواضعة، فلم يقسُ عليها ولم ينهكها ولم يعتد عليها. كان مدركا أن البيئة بيته الكبير الذي يجب أن يحافظ عليه، وأن تدمير بيئته تدميرٌ لذاته. ولأن البيئة نعمة من نعم الله على بني البشر، ومع التقدم الحضاري والعلمي الهائل الذي حققه الإنسان، لم يوفق في التعامل مع البيئة باحترام، كما كان سلفه، بل على العكس تعرضت البيئة إلى أقسى حالات الاضطهاد والعدوانية، واستغل العالم البيئة أسوأ استغلال وبلا رحمة، أسهم في فناء بعض حيواناته، ولوّث هواءَه بدخان المصانع ووسائط نقله، وما التفجيرات الذرية التي جرت، إلا جريمة صارخة بحق البيئة، لم تسلم من عبثها حتى طبقة الأوزون التي تمنع الأشعة فوق البنفسجية من المرور خلال الجو. إنَّها حرب شعواء ضد البيئة. ولأننا جزء من هذا العالم، يحتّم علينا الواجب الديني والإنساني والأخلاقي والوطني، العملَ على إعادة إحياء البيئة، بإصلاحها والمحافظة عليها وحمايتها، وإعادة توازنها «الوقاية خير من العلاج». البيئة الطبيعية تخلق لنا مناعة ضد الأمراض المختلفة، التي لم تكن شائعة حتى وقت قريب. إنها دعوة إلى المصالحة مع البيئة، من أجلنا وأجل أجيالنا القادمة، والاهتمام بالثقافة البيئية، وكيفية العمل على تنمية البيئة، معتمدين منظورا ثقافيا، يأخذ في الحسبان فكرة المحافظة على البيئة، والعمل على استدامتها، ودراسة إمكان وضع سياج على النباتات، للحفاظ على ما تبقى من الإرث النباتي الموجود حاليا في كل منطقة، إما بعمل حكومي أو أهلي، بضوابط وتعليمات محددة.