يلمس المجتمع السعودي بكافة أطيافه أن حراكا على مختلف الجهات بدأ يثمر وتقطف ثماره، من خلال نجاح المشاريع الصغيرة والناشئة التي يقودها شبابنا وفتيات المجتمع بكافة أعماره، ولهذا الحراك نتيجة يلمسها المجتمع بشكل متسارع هذه الأيام من خلال التطبيقات المنتشرة التي دعمتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والجهات ذات العلاقة، ومن هذه النجاحات برنامج الأسر المنتجة التي فاق إبداعها التوقعات، حتى رأينا مشاريع الأسر المنتجة تغزو الأسواق، يقف خلفها الناجحون والداعمون لأبناء وبنات الوطن من القطاع الخاص، الذين كانوا وما زالوا خلف نجاحات كثير من تلك الأسر.

وقد توسعت هذه المشاركات والمشاريع، حيث انطلقت برامج أخرى مثل أوبر وكريم وتوصيل وغيرها من المسمّيات التي أثبت أبناؤنا كفاءتهم في الدخول إليها، وهي تدر مالاً كثيراً يحكى في قصص المجالس، فهذا أصبح لديه ثروة كبيرة بالآلاف من مشاريع صغيرة، قام وسهر على تنميتها حتى أصبح يشار إليها بالبنان، وقد تفنن هؤلاء بابتكارات عالية التميز، فهذه محلات جلب البضاعة للمنزل عبر مواقع الإنترنت، ويشرف عليها هؤلاء الشباب، ومحلات التوصيل ومرسول وخلك نحن معك في رحلات البّر مما شجع الشباب على دخول هذا العمل الإبداعي وبدون تكاليف تذكر.

وعلمت أن هذه المواقع والتطبيقات تحظى بمراقبة الجهات المختصة التي تمنح تراخيص لمزاولة هذه المهن ومراقبة العاملين عليها من كافة القطاعات، ولكن ما يلفت الانتباه ويحتاج إلى وقفة مراجعة ما يعرف بالتوصيل إلى منازل الناس والاستخفاف بالرقابة عليها، وسأضرب أمثلة من أرض الواقع، في إحدى الليالي طلبت الأسرة وجبة من الطعام بما مقداره خمسون ريالاً ما بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والثانية عشرة ليلاً، وكلفّت نفسي لأقف أتحاور مع من سيوصل هذه الوجبة لأقف على نوع هذه المهنة، وهل هي مجدية، وقف ذلك الرجل في بنطال رث الهيئة من جنسية أجنبية وسيارة متهالكة، وسألته كم المبلغ وكم المدة وأنت تزاول هذه المهنة، وكانت إجابته مختصرة حتى لا يكشف هويته، تساؤلي هنا هل مهنة التوصيل مسعودة أم مفتوحة لكل الجنسيات، ثم لماذا تترك دون تحديد الوقت ونوع المركبة مراعاة للناحية الأمنية ومراعاة لحرمة بيوت الناس في أنصاف الليالي، فالأفضل هنا إيقاف حركة هؤلاء وأمثالهم بعد العاشرة ليلاً حتى لا يكون تجولهم خارقاً لأنظمة البلد وعاداتها وتقاليدها.

ومثال آخر وجدت أوبر ذات ليلة بعد الواحدة والنصف يتجّول في الحيّ على صالون وسائقه أيضاً غير سعودي، وتساءلت هل هذه المهنة موطّنة أم لا؟.

ما أوردته هو مشاهدات يومية وحراك يلمسه أهل الأحياء في المدن والمحافظات، رغبت من خلال ذلك أن نضع أيدينا على أهمية مراجعة التراخيص وملاكها والتطبيقات، ومن يُسمح له بمزاولتها خوفاً من استغلال هذه المهن من قبل بعض النفوس الضعيفة.

إنها مهن تحتاج إلى أبناء الوطن وتضييق الاختيار، وكونها تحت النظر حفاظاً على سمت المجتمع وعاداته وتقاليده، وهي فرصة جادة للباحثين عن العمل من أبناء الوطن، فهذه بلا شك فرص تتيحها الدولة عبر وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وغيرها من جهات الاختصاص لمثل هذه المهن التي تدر مبالغ طائلة الأولى بها ابن الوطن، وعلينا أن ندفع بدراسة كل ما يفيد الشباب في القطاعات الناشئة كالقطاع السياحي، خصوصاً مع فتح باب التأشيرة السياحية، لإعطاء أبنائنا رخصاً لما يعرف بالمرشد السياحي في المدن والمحافظات، وتطوير آلية العمل والرقابة على المشاريع الميسّرة، وتقليل العمالة التي جاءت مسايرة لرؤية المملكة وإتاحة الفرصة للشباب، مع التخفيف قدر الإمكان من الاعتماد على العامل الأجنبي، والحرص على توطين هذه المهن دام الوطن آمنا.