من أهم المؤشرات على الاستقرار النفسي ونضج الشخصية، هو «الثبات السلوكي»، باختلاف الزمان والمكان!.

الثبات في القول والفعل، سرّا وجهرا. الثبات في ردود الأفعال تجاه المستحب والمرفوض. الثبات في التعامل مع المستجدات حولنا، والمتغيرات الأخرى المحيطة بتلك المستجدات!، إذ إن عدم الثبات السلوكي العام بالذات، واختلافه من منطقة إلى أخرى -على الرغم من ثبات الحدث أو المناسبة- خلل كبير يحتاج من مُشرّعي الأنظمة السلوكية الاهتمام بجزئية تنفيذ العقوبات بشكل مباشر وحاسم.

هذه المقدمة مرتبطة -بلا شك- بالأحداث التي صاحبت انطلاق موسم الرياض، وما شاهدناه من احتفاليات مختلفة، نتج عنها خلل قويّ في تقدير مرافق تلك الاحتفاليات، وتدنٍّ واضح في احترام الجهود المبذولة لإظهار تلك المناسبة بأكمل وجهها!.

فالصور المنقولة عن التعديات على النافورة ومشاهد المخلّفات التي ملأت مساحة النافورة، أمرٌ مؤسف يؤكد أن الخلل ما زال موجودا، على الرغم من وجود لائحة الذوق العام التي تناولت جانبي القول والفعل، وتناولت ضوابط الملابس والممنوعات في الأماكن العامة!، لكنها لم تتناول سلوكيات الاستهتار بالمرافق العامة التي تتكرر في كثير من المناسبات!، والدليل على ذلك إصدار عقوبة «غرامة 500 ريال» على كل من يرمي المخلفات، وفي حالة تكرارها تتضاعف إلى 1000، بعد حادثة نافورة بوليفارد الرياض مباشرة!.

وعلى الرغم من أن لدينا نظاما قويّا خاصا بحماية المرافق العامة ولائحته، من تاريخ 1/1/ 1405، لكن -للأسف- لا يوجد وعي كامل بهذا النظام للمستهترين سلوكيا، ولا بالعقوبات المقررة بشأنه!.

فالعقوبات المذكورة في هذا النظام قوية ومشددة، لكن تحتاج إلى تحديد آلية التنفيذ وضبطها مع الجهات الأمنية بالدرجة الأولى!. فالسلوكيات المؤذية للمرافق وللبشر لا نراها في وضح النهار إلا داخل بلادنا، لكن هذا السلوك يختفي ويحتل مكانه الاحترام والذوق والتقيّد بالأنظمة، إذا غادرنا إلى الدول المجاورة!، والسبب، الخلل الواضح لدينا في تطبيق العقوبات والتهاون فيها، أو التسامح بشأنها عدة مرات، مما تسبب في وضوح الاستهتار أمام الجميع، للأسف الشديد!، خاصة أن هناك مخالفات سلوكية أخرى نراها دون خجل من القائم بها، ولا يملك كثيرون تجاهها إلا الصمت الإجباري، وغضّ البصر!.

لذلك، كي تنجح أنظمتنا السلوكية وعقوباتها، فإننا بحاجة إلى الحزم في تطبيقها على الصغير والكبير، وعلى الجنسين حتى نحقق الثبات السلوكي النابع من استقرار الشخصية ونضجها، مهما اختلفت المناطق والمناسبات!.