نظرية الاستبداد الفارسي تستند أصلا إلى نظرة الإغريق القدامى لأعدائهم الفرس، والذين جهّز ملكهم قورش في ذلك الوقت حملات كبيرة لاحتلال اليونان، منيت بالهزيمة تلو الأخرى. وعلى الرغم من التفاوت العسكري بين الفرس واليونان في ذلك الوقت، فقد أرجع اليونانيون نصرهم إلى نظامهم القائم على حب المواطنين لموطنهم، والدفاع عنه، على عكس الحكم الفارسي القائم على السلطة المطلقة، دون أي اعتبار أو اهتمام بالشعوب.

كما يذكر التاريخ «معركة الفرما»، التي تؤيد تلك النظرية الاستبدادية عبر التاريخ، عندما قام الفرس بغزو ومحاربة الفراعنة بمصر.

النظام الإيراني «الفارسي»، هو أحد الأنظمة الاستبدادية -عبر التاريخ- التي تملي إرادتها وتفرض أهواءها دون رقيب أو مساءلة. تعاقب وتعذب وتقتل شعبها دون رحمة، وترفع مقام زعمائها وتقدسهم، دون أي اعتبار لأي مفاهيم أخرى.

تحارب الأمم الأخرى وتحاول النيل من حضاراتها وتقدمها، ويتم فرض الطاعة من خلال نشر الخوف عبر الحرس الثوري داخل إيران، والعملاء في تلك البلدان التي تم تصدير الثورة إليها، وتشكيل الأحزاب الطائفية فيها.

في 1979، كانت الثورة الإيرانية التي قادها الخميني عند وصوله على متن طائرة فرنسية، فكانت ثورة لم تكتف بالانقلاب على نظام الشاه، بل تمددت لتصدير أفكار الثورة إلى الدول العربية والإسلامية، وأصبح وضع الشعب الإيراني أكثر سوءا ومعاناة، لا سيما وتلك الثورة أنفقت كل مخصصات الشعب على التوسع الاستعماري، وتصدير الثورة.

فدخلت إيران في حرب طويلة مع الجارة العراق، ثم تغلغلت في العمق اللبناني من خلال ذراعها حزب الله، وأرسلت فيالقها وجنودها للمشاركة في الحرب السورية، وكانت شريكا لحليفها الحوثي في تدمير اليمن وتفكيك نسيجه.

فرحت إيران بهذه التدخلات وصرّحت بأنها أصبحت صاحبة القرار في 4 عواصم عربية، وما زال الحلم باستمرار الهلال المذهبي ليشمل جميع الدول العربية والإسلامية. عانى الشعب الإيراني وتضور جوعا، وهاجر كثير منهم بحثا عن العيش الكريم، وقامت ثورات خضراء تعامل معها الحرس الثوري بوحشية مفرطة.

وظهرت أخيرا ثورة المستضعفين في تلك البلدان، بعدما استكانوا طويلا لأدوات القمع والخوف والترهيب. لقد كانت ثورة ضد متلازمة الخوف، وثورة لاسترداد الكرامة.

ولأن لكل ظلم نهاية ولكل طغيان أفول، فقد ثارت شعوب تلك الدول على التدخل الإيراني، وسئمت من أفعالها، ومن تردي أوضاع أوطانهم.

لقد ثاروا على الظلم والجوع والمهانة، وعلى العملاء الذين زرعتهم إيران في تلك الدول. انتفض عراق الكرامة، ومات الآلاف برصاص الخونة، ولكن صوتهم كان هادرا مزلزلا، جعل على خامنئي يعتلي منبره ويطالب بإسكات تلك الثورات والقضاء عليها. أما أحرار لبنان -ورغم طول سكوتهم- إلا أنهم صرخوا أخيرا، ولم تخفهم خطب نصر الله أو بلطجة جماعته.

أما الأداة الحوثية في اليمن، فقد تم تحجيمها والقضاء على رموزها، وتحرير كثير من أراضيها. وكأن الأقدار لم تكتف بذلك العقاب لجرائم الملالي، فقد كان الحصار الاقتصادي والذي جفف منابع الدعم للإرهاب والتدخل في شؤون الآخرين.

الثورة الإيرانية تعيش أسوأ أيامها، وإذا استمرت ثورة الشعوب وعملية الحصار، فهي نهاية نظام استبدادي ظالم، وتخليص للعالم من آثامه وشروره.