بدأ القلق يدب في النظام الإيراني ووكلائه في المنطقة بعد أن عادت مظاهرات العراق إلى الواجهة من جديد، في حين تستمر الاحتجاجات في لبنان لليوم الثامن عشر مطالبة بإسقاط الحكومة. وعلى خلفية الاجتماعات السرية التي تعقدها طهران في عدد من العراق والتنسيق المباشر مع حزب الله وكيلها في لبنان، فإن هذه الاجتماعات تعكس القلق الكبير الذي تعيشه إيران حاليا بسبب هذه المظاهرات، وقال المحلل السياسي بمركز أبحاث تشاتام هاوس، نيل كويليام، إن طهران قد عملت لسنوات لبسط نفوذها في هذين البلدين، الأمر الذي يسعى المتظاهرون إلى تغييره، وذلك وفقا لتقرير لقناة «أي بي سي» الأميركية.

وأضاف كويليان أن التظاهرات تعتبر تهديدا حقيقيا ضد المصالح الإيرانية في لبنان والعراق، لأن المظاهرات وطنية في صميمها، لذلك تمثل تحديا للسلطة السياسية المدعومة من إيران.

الإطاحة بحلفاء إيران

يرى كويليان أن إيران ستخسر كثيرا إذا ما تمت الإطاحة بحلفائها من السلطة، سواء رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، أو حزب الله في لبنان. ولفت التقرير إلى أن المظاهرات طالت حتى مناطق ومعاقل بعض التنظيمات المدعومة من إيران، كجنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله.

وكان مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، قد اتهم قوى خارجية بالتدخل في الشأن العراقي واللبناني، كما اتهم الولايات المتحدة والاستخبارات الغربية بتمويل هذه الحراكات الشعبية من أجل «تأجيج نار الفوضى»، على حد تعبيره.

من جانبه، قال فواز جرجس، أستاذ العلوم السياسية بكلية لندن للاقتصاد، إن «إيران تحاول الإبقاء على مسافة بينها وبين التوترات المتصاعدة في كلا البلدين، لكن قدرتها على القيام بذلك محدودة، إذ إن حلفاءها المحليين، والجماعات المسلحة مستهدفون من قبل المتظاهرين».

أما الباحث بمعهد «ساينسس بو» بباريس، كليمنت تيرمه، فيرى أن تدخل إيران قد غذى غضب المتظاهرين، خاصة في العراق، حيث «يكره العراقيون حقيقة أن إيران يمكنها التدخل في شؤونهم».

ثورة ضد التدخل الإيراني

تخللت التظاهرات في العراق شعارات مناوئة لإيران مثل «إيران برا برا، بغداد تبقى حرة»، بينما أحرق متظاهرون العلم الإيراني في بغداد الأسبوع الماضي. ويتهم المتظاهرون العراقيون الميليشيات المدعومة من إيران بقتل عشرات المتظاهرين بالرصاص الحي، فضلا عن مئات الإصابات.

ويتعرض المتظاهرون العراقيون لقمع شديد على يد قوات الأمن العراقية بالإضافة إلى الميليشيات المدعومة من إيران، والتي تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، ومن أبرزها ميليشيات «عصائب أهل الحق»، و«الخراساني»، و«سيد الشهداء».

وفي لبنان خرج المواطنون في تظاهرات غاضبة دعت إلى «إسقاط النظام»، وطالب المحتجون الطبقة السياسية بالرحيل، وأكدوا على ضرورة مكافحة الفساد الذي ينخر مرافق الدولة وأدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية.

وندد المتظاهرون بسيطرة الأحزاب السياسية على مرافق الدولة، وشددوا على ضرورة رحيل القادة التقليديين عن الحكم وإجراء انتخابات تفرز قيادة جديدة للبلاد، بعيدا عن الأجندات الخارجية، في إشارة إلى تدخل إيران في الشأن اللبناني عن طريق حليفها حزب الله.

وكان سعد الحريري قد قدم استقالته لرئيس الجمهورية ميشال عون بعد خطط إصلاحية قدمها، لكن المتظاهرين يصرون على رحيل كامل الطبقة السياسية.