أحيانا يأتيني شعور غريب، أن أنا غير أنا، رغم أن أنا أنا، كحالة ركامية متراكمة متوقعة أو غير متوقعة، كغيمة مطر بها رعد وبرق، مرت لتمطر في مكان ما، حيثما سُيّرت برياح وضغط مرتفع ومنخفض، في مكان كان يا ما كان، وسيكون في ذلك المكان العالي البعيد لتحيي وتعيد صياغة الحياة من جديد، والأرض بعد موتها، بفلسفة حياة تمر بي كلحظات عمر، بأحلام اليقظة والحقيقة والسراب والماء، والطموح والواقع والأهداف والأمنيات.

نعم، هكذا حالة اللاشعور تمرّ بي، بأحلامها وأفكارها المختلفة، لتتشكل وتتغير في الوعي واللاوعي، لتنقلني إلى أحلام الحياة بكل فلسفتها وتفاصيلها، لدرجة أنني أشعر -أحيانا- أنني المتنبي، لأستمر في تقمص دوره حتى الغلو، وظهور تراكمات أحلام متصارعة ومتداخلة مع بعضها بعضا، لتنقل الشعور والحلم من آخر إلى آخر، فأقول لا، فأنا أبوالعلا المعري وأبو العتاهية وبشار بن برد، مجتمعين كلهم مع بعض، لا أرضى لهم بديلا، ولكن هذا لا يستمر طويلا، لأقول أنا الجاحظ الذي قضى نحبه بكتبه، ذاك الكاتب الأول بلا منازع. وتستمر بي الحالة لتتغير وتنقلني الأحلام والأفكار، لتأخذني إلى حيث بطيلموس وابن زيدون وليالي الأنس في الأندلس، وابن بطوطة ورحلاته، وابن خلدون ومقدمته الشهيرة، لتشعرني أنني أنا أنا حقا ويقينًا، ما زلت أعيش الواقع بحياة الهروب إلى حيث ما سطرته أفكار البشر، لتقنعني وتستهويني، لتغريني بمغريات الحياة الجميلة، وتأخذني إلى حياة الأحلام والأمنيات، حيث أفلاطون وأرسطو وسقراط والفارابي وابن سينا وفرويد وديكارت، وغيرهم، ممن نثروا أفكارهم عبر الزمان، لتبقى مؤثرة كسراب وماء وحقيقة وواقع.

ومع كل هذه الأحلام والأفكار، التي ترمي بشرر، أشعر بالسعادة والتغير والتغيير، إلى الواقع الأكثر وضوحا وتنويرا ووسطية وحقيقة، حيث العلّامة ابن باز، وابن عثيمين، لأعيش بروح عالية وأفكار واقعية، تنقلني إلى حيث الاستقرار والأماني والأمنيات الواقعية الراسخة رسوخ الرواسي، الجبال الشامخات، التي تكون سدّا منيعا، وأمنا وأمانا من تراكمات الحياة، لتثبتني وتوقظني على الواقع والحقيقة، بأنه أنا أنا بكامل قواي العقلية، مهما كان وحصل.