يرسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اليوم «الأربعاء» ملامح المستقبل أمام أعضاء مجلس الشورى، ويضيء الطريق أمامهم، ويحدد أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة، ويوضح تفاصيل السياسة السعودية، ويزوّدهم بما يعينهم على تحويل تلك الأهداف إلى حقائق على أرض الواقع، وذلك خلال الخطاب السنوي الذي ينتظره أعضاء المجلس والمجتمع السعودي بأكمله باهتمام بالغ.

وقد دأب -حفظه الله- في كل خطاباته على تأكيد التمسك منهجا وعملا بالشريعة الإسلامية التي أعز الله بها هذه البلاد، وعلى مبدأ الشورى في الحياة السعودية. ويكتسب الخطاب الملكي -العام الحالي- أهمية خاصة، نظرا لعدد من التطورات الراهنة والمتوقعة في الفترة القادمة، سواء على المستوى الوطني وما تشهده البلاد من تقدم ورخاء في كل القطاعات، أو على المستوى الإقليمي والدولي.

فعلى المستوى الوطني، ينظر العالم بإعجاب إلى قدرة القيادة السعودية على تحقيق هذا التوازن غير المسبوق بين تحقيق استحقاقات الداخل من تطور وتنمية مستدامة وارتقاء بالبشر والحجر، وفي الوقت نفسه مواجهة التحديات والأخطار القادمة من الإقليم أو حتى العابرة للحدود، ويمكن الإشارة إلى بعض وليس كل مؤشرات النجاح السعودي، وهي:

يأتي الخطاب الملكي في الوقت الذي تسير «خطة تنفيذ» رؤية 2030 التي صاغها وأشرف على تنفيذها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وتفاعل معها كل الشعب السعودي، نحو تحقيق إنجاز «عابر للحدود والمسافات»، وفق رؤية واضحة المعالم، الهدف منها تعزيز رخاء ورفاهية الشعب السعودي، ودعم مكانة المملكة العربية السعودية كدولة رائدة في العالمين العربي والإسلامي.

المملكة تشهد في هذا العهد الزاهر طفرة تشريعية متكاملة، يشهدها المسار النيابي والقضائي، بما يتماشى مع حرص الدولة على تعزيز حقوق الإنسان، وجعل ذلك ثقافة تنتظم كل شرائح المجتمع، ولاستكمال التطوير في حوكمة أجهزة ومؤسسات الدولة، وضمان سلامة إنفاذ الأنظمة والتعليمات، وتلافي أي تجاوزات أو أخطاء، وتأكيد ما ظل يكرره الأمير محمد بن سلمان: «أن المملكة دولة قانون، يتعامل فيها الجميع وفق ما تقره الأنظمة واللوائح».

الخطاب الجديد لخادم الحرمين الشريفين يأتي وسط تحول اجتماعي وثقافي «مدروس» يتفق مع ثوابت العقيدة الإسلامية، وروح وعادات وتقاليد الشعب السعودي. يأتي هذا الخطاب والقيادة الرشيدة تواصل حربها ضد كل أوجه الفساد المالي والإداري، وإصرارها على المضي قُدما في سياسة المحاسبة، تمسّكا بمضامين كلمات الملك سلمان التي أكد فيها أن لا أحد فوق القانون، حتى ينعم المواطن بخيرات بلده ولا تستأثر بها فئة دون أخرى.

هذه بعض ملامح الطفرة الداخلية السعودية التي يرافقها نجاح غير مسبوق على المستوى الدولي. ومن أبرز النجاحات الدولية:

ستترأس السعودية العام القادم «قمة العشرين» لأكبر 20 اقتصادا على مستوى العالم، وستكون الرياض أول عاصمة عربية تستضيف قمة العشرين منذ تأسيس المجموعة عام 1999.

يأتي خطاب خادم الحرمين الشريفين بعد أيام قليلة من نجاح «اتفاق الرياض» في تعزيز جبهة التحالف العربي باليمن أمام الميليشيا الحوثية، وقد رحب الجميع بهذا الاتفاق -سواء الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي- وكان الاتفاق دليلا على قدرة السعودية على إعادة الأمور إلى نصابها في الملف اليمني.

شكلت السعودية «قوة الاستقرار» في سوق النفط العالمي، بعد نجاحها على مدار العام الماضي في تحقيق استقرار لم تشهده أسواق النفط بفعل التفاعل السعودي لإنجاح مبادرة «أوبك +».

أثبتت السعودية أنها قائدة ورائدة العمل الخليجي والعربي والإسلامي المشترك، عندما استضافت 3 قمم بمكة المكرمة في وقت واحد، وفي كل الأحداث على مستوى العالمين العربي والإسلامي ستجد الأيادي السعودية الممدودة بالخير والسلام للجميع.

أكدت السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، أنها أكبر داعم لخير الإنسانية خلال ما تقدمه لبرامج الأمم المتحدة المختلفة، للتخفيف من الأزمات الإنسانية العالمية في كل بقاء الأرض، ويعدّ ما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة نموذجا على العطاء الإنساني لكل الإنسانية.

تؤكد المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية كافة، وقوفها إلى جانب المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب، خاصة الجماعات العابرة للحدود والدول، وأنقذت المعلومات التي قدمتها المملكة العربية السعودية إلى كثير من دول العالم، مئاتٍ وربما آلاف المدنيين ربما كانوا سيقتلون لو لم تقدم السعودية هذه المعلومات التي وصفتها الدول الأوروبية «بالثمينة».

لكل هذه المعطيات الداخلية والخارجية، سيكون خطاب خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى «خارطة طريق» للعمل السعودي على المستويين الداخلي والخارجي، بما يعزز من رفاهية المجتمع السعودي من ناحية، ويدعم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.

ولأن كل نجاح يستلزم صيانته، وكل تطور يستوجب الحفاظ عليه، فإن مهمة أعضاء المجلس تبدو أكبر جسامة، وتتطلب منهم التركيز على ترقية الأداء، وبذل مزيد من الجهود، لزيادة وتعزيز التناسق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وصولا إلى تفعيل مراقبة الأداء الحكومي وأوجه صرف المال العام، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، وترشيد الإنفاق، صونا للمال العام من أيدي العابثين.