أصدر الكاتب فؤاد مطر كتاب «عسكر سورية.. وأحزابها» عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون، في 296 صفحة من القطع الكبير. وقبْل 70 عاما، وتحديدا عام 1949 دخل العالم العربي عصر الانقلابات العسكرية، التي كانت ذات نهج يميني بداية الأمر، ثم انقلابا بعد آخر بدأت الأفكار اليسارية تشكِّل مرامي الخطاب الانقلابي، وذلك لأن الانقلابيين أعلنوا أنهم حركات ثورية وأن ما قاموا به بعيد كل البعد عن الحالات الانقلابية التقليدية.

على مدى 70 سنة حدثت عشرات المحاولات الانقلابية بعضها صمد وبعضها فشل ودفع جنرالات وضباط حياتهم ثمناً للمغامرة. كانت المآسي الناشئة عموماً كثيرة، ثم بدأت تتلاشى وتنمو بدلاً منها ظاهرة الانقلاب المشترَك من جانب قوى مدنية لقي حراكها قبولاً ثم تشجيعاً فتعاوناً من جانب عناصر متقدمة الرتبة في المؤسسة العسكرية.

يتضمن الكتاب إلى جانب فصوله التي تسرد الوقائع وتحلل ظروفها وتضيء على الرموز الانقلابية والحزبية، عشرات الصور التاريخية والحدثية فضلاً عن الوثائق التي ترتبط بالأحداث المتلاحقة. وفي تقديمه للكتاب يكتب الصحفي رياض نجيب الريس «هذا الكتاب محطة صغيرة من محطات التاريخ السوري الحديث، ومحطة لم توثَّق كما يجب، بالرغم من أن أرشيف العالم قد فُتح أمام المؤرخين والباحثين. وما قام به فؤاد مطر، علامة مميزة لموضوع كان سبباً أساسياً فيما وصل إليه العالم العربي اليوم، واستمرت تداعياته عبْر أكثر من نصف قرن على أحداث هذه الأمة».

في توضيح دواعي وظروف تأليفه للكتاب يقول فؤاد مطر: «إن الانقلابات العسكرية كانت مغامرات جنرالات وعقداء ورواد حنظلية في محصلتها النهائية وعادت على البلاد والعباد بما لم يخدم الاستقرار. وفي تركيزي على الظاهرة الانقلابية في سورية فلأن الانقلاب الذي قام به الزعيم حسني الزعيم كان نموذجاً للانقلاب الذي يصمد لبعض الزمن ويعكس المشاعر الدفينة غير الودية من جانب العسكر ضد المدنيين وأحزابهم. كما أن هذا الانقلاب كان بمثابة إطلاق الإشارة لعساكر الأمة من أجْل أن يتقاسموا الحُكْم مع أهل السياسة، أو إذا أمكنهم الاستفراد بها، وتحويل رموز المجتمع السياسي إلى سلطات تنفيذية لهم. بدليل أن غواية الانقلابات والتقلبات والولاءات وحالات جنون العظمة لدى بعض جنرالات تلك الحُقب الحنظلية كانت دراميديا، أي مزيج من الدراما السوداء بالكوميديا الأقرب إلى التهريج، بدأت في سورية ولا تندثر... وكأنما كانت بداية حالة لا نهاية لها. أعان الله الأمة من هذه الغواية».