كان الأسبوع الماضي فرصة تتاح لي لزيارة جامعة وطنية أخذت على عاتقها الاهتمام بالأمن الغذائي في المملكة عندما أنشئت، كلية الزراعة كأول كلية تعنى بأحد مكونات الغذاء للمجتمع السعودي والعربي، ثم تطال عالم الغذاء كله في رحلة امتدت عقودا، برزت فيها جامعة الملك فيصل بالأحساء بعرض منتجها البحثي المتميز أمام أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ومحافظ الأحساء.

وقد رافق هذا الأمر عرض الأبحاث العلمية المتميزة التي نفخر بها في المملكة حتى أصبحت الجامعة أحد مكونات الوطن لصناعة الأمن الغذائي.

وقد كان تميز الجامعة في العناية بشعارها الجديد وهويتها المتطلعة للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية في المملكة، وكان هناك عرض رائع لهذه البحوث التي يقف عليها شباب الوطن من أبناء المملكة، خاصة أهالي الأحساء، إذ رأينا كيف تعتني الجامعة بالمختبرات المخصصة للنخيل والعناية بها، والذي يعد أحد أبرز مخرجات مشاريع الخطة التشغيلية للجامعة، ثم رأينا كيف تنتج نوعيات من العصائر التمورية الخالية من السكريات لتقدم للوطن مصانع رائدة عالمية يفخر بها السعوديون، وهناك أيضا المعامل التي تشرف على ما يعرف بالمؤشر الذاتي، ويعد مساهما في توفير بيئة جامعية محفزة مواكبة للتنمية وتتماشى مع رؤية المملكة 2030.

وقفنا خلال جولتنا في الجامعة أيضا على الإنجاز التنموي لكليات الجامعة واكتمال عدد من مشاريعها بما تحقق للمحافظة وأبنائها من بيئة دراسية علمية تسهم في استقرار المواطن الأحسائي، الذي قامت على يديه بناء التنمية في أحساء التمور ذات الملايين نخلة.

ومما يشهد للجامعة وتميزها القفزة السريعة في بناء الشراكات الإستراتيجية مع عدد من البنوك الوطنية والشركات العملاقة مثل نادك وأرامكو والمراعي، لكن الإبداع أن يتحول المال إلى صناعة علمية بإنشاء الكراسي البحثية، فقد شاهدنا توقيع شراكات علمية لدراسة الوعي الاستثماري القادم للجامعة في هذه الاتفاقيات، وأبرزها كرسي البنك السعودي للاستثمار، وكرسي بنك البلاد للأمن الغذائي، لنطلق بهذا تكاملية الاقتصاد والتنمية، بدءا من رحاب الجامعات التي تخرج جيل المستقبل بصناعة ذكية تسهم فيها الجامعة.

لقد شهد بهو الجامعة الجميل عرضا لأبرز محطات تطور الجامعة التي تقف على مساحة تضم في جنباتها كليات العطاء والتنمية، وفي مقدمتها كليات الزراعة والطب البيطري والحاسب وغيرها، وكانت لفتة جميلة من أمير المنطقة ومن مدير الجامعة الدكتور محمد العوهلي أن يكرم المديرين السابقين للجامعة ورؤساء البنوك أمثال سلمان الفعم وعبدالعزيز العنيزان والشركات الزراعية الداعمة للنجاحات الوطنية في محافظة الأحساء.

هذا ما يجعلنا نقيس نجاحات الجامعات بعطائها للوطن، فإذا نجحت جامعة في تخصصها بدأنا ندرك أن هذه الجامعة واكبت تحول الجامعة إلى نظام الجامعات الجديد، فأصبحت تستحق وبجدارة إطلاق اليد بكفاءة رجالها وأساتذتها، لتحقق في النهاية رؤية المملكة الجديدة، وقريبا نسمع أن جامعة الملك فيصل من الجامعات الثلاث القادرة على التحول، بإذن الله.