متى نستيقظ لنلحق بالركب؟ وإلى متى نظل في انتظار من يأتي لنا بطاسة الخضّة التي تشفي أوجاعنا ومخاوفنا مما هو آت، مختبئين داخل أنفسنا أملا فيمن يقدم لنا الحلول المناسـبة لما استعصى من أمورنا؟.

أما آن الأوان -إخوتي العرب- يا أبناء خير أمة أخرجت للناس، أن تفزعنا الكوابيس التي نحلم بها في منامنا ويقظتنا؟ ألم يدفعنا ذلك إلى استدعاء فروسيتنا التي أبهرنا بها العالم؟ أم إن خيولنا كفّت عن الصهيل، والتزمت الصمت عندما قام الآخرون بالاستيلاء، وتحديد معالم الطريق لتوجيهنا وجهة يرضونها؟ أليس المستقبل ملك للجميع، أم إننا نعيش في هدنة خارج إطار الزمن، لنعطي الفرصة لغيرنا ليصنع تاريخنا ويحدد اتجاه تطورنا؟ أليس فينا من يستطيع وبمقدوره رصد الحركة، والتواؤم معه، والتقدم والدخول بأقدام ثابتة نحو المستقبل مع الداخلين، مرفوعي الهامة والقامة؟

في تقديري أن المستقبل سيفتح ذراعيه لأولئك الذين يدركون -بين ما يدركون- أمرا على جانب كبير من الأهمية، وهو ما يتصل بثورة المعلومات التي اجتاحت وتجتاح العالم، ولم يعد -بفضلها- جانب من جوانب الحياة إلا غيّرته وهزّته هزّا.

فلم يعد الكون هو الكـون، ولم تعـد الأرض هي الأرض، لم يعد يجدي أن نكرر عبارات التكنولوجيا الحديثة وإنجازاتها، والكمبيوتر وآفاقه، والهندسة الوراثية وما حققته.

لم يعد الحديث عن ذلك كله نافعا، وإنما الذي ينفعنا أن نعيش ذلك كله، أن نعيش عصـر العلم، أن نتحرك وفق مناهج علمية، مدارسنا، جامعاتنا، مستشفياتنا، بل وطـرقنا وبيوتنا، وكل الأشياء التي نمارسها. لم يعد هناك شيء إلا وقد وصل إليه يد العلم وثورته، هذا العلم هو إحدى القدميـن الأساسيتين في الخطو نحـو المستـقبل، وأعتـقد أننا يجـب أن نفـزع مما نحن فيه، والمسـافة الشاسعـة بيننا وبين المتقدمين، العلم.

إذن، هو أحد جوانب الرؤية المستقبلية لمن يريدون العبور نحو المستقبل، فهل نعي ذلك جيدا؟. إخوتي في العروبة وفي مستقبلهاـ ومستقبل أبنائنا من الأجيال الحاضرة والقادمة، آمل أن يتحقـق ذلك. نصل إلى أن القدم الواحدة تجعل صاحبها أعرج، ولا بد لمن يريد أن يسير سيرا طبيعيا مستقيما، أن يسير على قدمين، وإذا كانـت القـدم الأولى تتمـثل في العلم واللحـاق بثورة المعلـومات، فإن الأخـرى تتعلق بحقوق الإنسان.

وفّق الله شعوبنا العربية وأمتنا الإسلامية إلى ما فيه الخير.

صلاح العبادي