نتيجة لما سبق فقد ارتفع متوسط دخل الفرد الياباني، وتحققت لأفراده الضمانات الاجتماعية الكافية التي تحقق له شروط السعادة، وتضمن له الأفضل في أسلوب وجودة الحياة، وتقضي على مشكلاته الاجتماعية كالفقر والجهل والأمراض وغيرها، وهي من الأعراض الأساسية لمشكلة الحضارة. وبما أن تكوين الحضارة في مجتمع ما مرتبط بقوتها ومظاهرها الاقتصادية، فذلك تلقائيا يؤدي لبناء المجتمع ونهوضه. والمجتمع المتعارف عليه في حقيقته ومعناه لا يمكن اختزاله وتعريفه من خلال عدد أفراده وتجمعهم، ولكن وظيفته الأساسية تكمن في تحقيق راحة الفرد وحفظ كيانه وهو - أي المجتمع - كما يعرفه عالم الاجتماع مارشال جونز بأنه: «نوع معين من الجمع يتميز بالاكتفاء الذاتي والقدرة على تزويد أفراده بجميع احتياجاتهم الضرورية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي دون الاستعانة بغيره من التجمعات»، وحضارة المجتمعات تكمن في ما تنتجه وتصنعه وليس العكس (كما في النمودج الياباني).
إذن فالحضارة والسعي لبناء المجتمعات وسعادة أفرادها تحققه التنمية الاقتصادية - وما يرافقها من تغيرات اجتماعية وثقافية - بواسطة العناصر الأساسية للتحضر: استغلال الطاقات البشرية (تعليم وتربية وقدوات وأخلاق)، وكذلك باستغلال عاملي الأرض والوقت، وبناء على ذلك فالواجب على الأفراد أن تتضافر جهودهم، كل يقوم بمهمته في مجاله، وكذلك بمواجهة كل ما من شأنه تخريب المجتمع وعرقلة عجلة التنمية، وهنا يتحقق المطلوب للنهوض الحضاري من خلال التوازن بين الحقوق والمسؤوليات.