عندما تجد نفسك تعيش في مؤشر عالٍ من الرقي يتبادر لذهنك للوهلة الأولى ما يحدث جاء بمحض الصدفة، أو أن هناك جهودا ذاتية صنعتها لنفسك أسهمت في تلك النقلة، غير أن هناك قلة هم من تتجاوز أنظارهم الحدود الضيقة لآفاق أبعد ويفتشون في الدهاليز لكشف الأسباب وسبر أغوارها. والأكيد أن الرياضة السعودية تعيش في الوقت الحالي نقلة غير عادية في كافة المجالات، بل العاصمة الرياض وبقية المدن الشامخة أصبحت معقلا لاحتضان المنافسات العالمية في مختلف الألعاب، شاهدنا الفرق والنجوم والمنتخبات السامقة تتقارع في ملاعبنا، نشاهدهم عن كثب بعد أن كانت رؤيتهم حلما، وهم أيضا يرددون السعودية هذا البلد ويشيدون بالإمكانات والإنجازات.

ولا شك أن مثل هذا الشموخ لم يأت من فراغ، وإنما بالعمل غير العادي الذي قدمته الدولة -حفظها الله- للرياضة والشباب خلال العامين المنصرمين وأسهم في تعزيز البنية التحتية الصلبة، وما دام الحديث عن المكتسبات لن نغفل عن الصورة الجميلة التي قدمها فريق الهلال في المشوار الآسيوي والعراك العالمي، وكان محل حديث النقاد في جميع القنوات العالمية والعربية، بعد أن اخترق المشوار الآسيوي بكل اقتدار وأطاح بأعتى الفرق وتزعم القارة الآسيوية والإفريقية، واللافت أن هذا الفريق خلال مشواره الفني الذي يعد الأصعب على اعتبار أنه خاض «14» مواجهة ولم تشر الصافرة لأي ضربات جزاء، بل إن أطقم التحكيم تفننوا في تصدير كثير من حقوقه، ففي لقاء السد احتسب عليه ثلاث حالات تسلل غير صحيحة وضربة جزاء واضحة تُجُوهلت، وكانت تلك الفرص كفيلة بزيادة غلة الأهداف ذهابا، وفي الإياب تجاهل الحكم طرد مدافع السد عندما أمسك الكرة بيده، ناهيك عن الهدف الذي ألغي في لقاء أوراوا، كل هذه المكتسبات تنتزع من الهلال ورغم ذلك وقف على المنصة الآسيوية باقتدار، وأكمل الجمالية في المقارعة العالمية، حيث امتد العرض الرائع بعد أن سجل رقما عالميا جديدا في تاريخ الكرة السعودية، لا أود الاستطراد عن الهلال الذي قدم لنا صورة مضيئة لفتت الأنظار، والأكيد أن جيل الشباب السعودي الذي يتفاعل مع كل الظروف هو الوقود الذي أوصلنا إلى آفاق وأمجاد سامية في كل المنافسات، وما زال للمجد بقية.