دعت التعاليم السماوية إلى الألفة والمحبة والتسامح، وهي القيم الإسلامية التي جاءت بها في منهج حياة الإنسان وإسعاده والحرص على التعايش والسلام بين شعوب الأرض، حتى جاء الإسلام الحنيف بخاتمة الأديان السماوية، ليؤكد كرامة الإنسان ويحفظ حقوقه بعيدا عما تدعيه بعض القوانين الوضعية والجماعات التي تدعي زورا دفاعها عن بني الإنسان وأتباع الديانات، وبعيدا عما تحاوله بعض الجماعات الدينية كالإخوانية وغيرها من أنها تعقد المؤتمرات وتقيم الأحلاف التي يطلق عليها في قيم الإسلام قمم الضرار، قياسا على مسجد الضرار الذي كان في بداية الدعوة في المدينة المنورة حتى نُهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فيه بقوله تعالى «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله»، ثم هدم هذا المسجد بعد نزول الوحي على رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وكان هدف المنافقين صرف الناس عن نجاح دعوة الرسول حتى انتشرت في أصقاع المعمورة بحمد الله.

ثم تأتي اليوم جماعة من الأمة الإسلامية يدعون أنهم يحسنون صنعا، وهم كذبة وخونة، يريدون صرف الناس عن الوحدة الإسلامية التي رمز إليها القرآن الكريم بقوله «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، يهدفون بأفكارهم ومآربهم عبر ما زعموه «مؤتمر العالم الإسلامي» في ماليزيا يحضره رؤساء دول تهدف إلى بناء مصالحها، وكأنهم يُحيُون ذكرى مؤتمر غروزني الذي لم يوفق لعدم مصداقية الدعوة، ولهذا كان الموقف حازما من ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عندما تنادى هؤلاء للاجتماع، فكان واضحا في كلماته في اتصال هاتفي تلقاه من رئيس وزراء ماليزيا، مؤكدا على أهمية العمل الإسلامي المشترك من خلال منظمة التعاون الإسلامي، بما يحقق وحدة الصف لبحث كافة القضايا الإسلامية التي تهم الأمة كلها، والشواهد على هذا كثيرة جدا.

ومنظمة التعاون الإسلامي المباركة تحمل رسالة أنها الصوت الواحد للعالم الإسلامي، وهي أكبر تجمع إسلامي عالمي، وقد اختارها المسلمون لترفع صوتهم في المحافل الدولية.

ونحن ندرك أبعاد الوقفة الصادقة من المملكة من هذا التجمع المنهزم الذي يحاول إثارة الخلاف وشق صف الأمة الواحدة، وهذا ما أكده كثير من الغيورين على الإسلام وأهله، ومنهم الأمين العام للمنظمة الذي قال «ليس من مصلحة الأمة الإسلامية عقد القمم خارج إطار المنظمة، خصوصا في هذا الوقت الذي يشهد العالم صراعات متعّددة، وأن قيام عضو يعقد اجتماعات تخص العالم الإسلامي خارج إطار المنظمة هو شق للتضامن الإسلامي، وتغريد خارج السَّرب وسيكون إضعافا لمنصة منظمة التعاون الإسلامي، وبدوره يُضعف الإسلام والمسلمين، وفي النهاية يؤثر على صوت المنظمة في المحافل الدولية».

لهذا جاء الرُّد الحاسم من المملكة التي تحمل لواء الوحدة الإسلامية من خلال كلمتها الصادقة في جميع محافل العالم، ودفاعها عن قضايا المسلمين ومنها القضية الأولى قضية فلسطين، وحماية الحرمين الشريفين والسهر على رعايتهما، والدفاع عن الأقليات المسلمة ودعمها اللامحدود لمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي بجدة والمنظمات الإسلامية الأخرى، ودعما منها لصوت الحق الذي تقوم به منظمة التعاون الإسلامي حفاظا على مكانتها والدفع بها إلى الارتقاء بعملها، وهذا ما تقوم به فعلا المنظمة بقيادة أمينها العام الدكتور يوسف العثيمين والقطاعات التابعة لها وفريق العمل الذي يحرص على أداء الأمانة المنوط بهم.

وفق الله الأمانة ورجالها، وشكرا لملك الحزم هذه الوقفة التي تؤكد موقف المملكة من أنها خادمة للحرمين الشريفين، ولنصرة الإسلام والمسلمين في أرجاء الدنيا كلها.