«يجب عدم بقاء النزيلات في دور الضيافة الاجتماعية بعد انتهاء فترة محكومياتهن».

تحت هذا القرار، نشرت هيئة حقوق الإنسان -الأسبوع الماضي- عبر حسابها الرسمي في «تويتر» تقريرا شاملا لجوانب القصور في دور الضيافة للفتيات!،

إذ إن دور الضيافة أنشئت لتستقبل من انتهت محكومياتهن من السجون. وبقاؤهن فيها -طال أو قصر- يتوقف على وضعهن الأُسَري، ومدى استعدادهن للخروج لمواجهة المجتمع الخارجي، وقدرتهن على الاعتماد على أنفسهن، بدلا من خروجهن بهدف الخروج، وعودتهن مرة أخرى إلى السجن لأسباب عدة!. وعلى الرغم من الهدف الإنساني والحقوقي لإنشاء مثل هذه الدُّور -باعتبارها بيوت منتصف الطريق- إلا أن المطالبات بإقفالها ازدادت في السنوات الأخيرة!، ورُبط هضم حقوق المرأة السعودية بوجود مثل هذه الدور التي لم يتم افتتاحها من فراغ، بل تنفيذا للمرسوم الملكي رقم 5842 وتاريخ 27/ 6/ 1428، وبهدف إنساني له أبعاد كثيرة، منها «حماية النساء المفرج عنهن بعد السجن والمرفوضات أسريّا، وبحاجة إلى التأهيل والدعم قبل خروجهن إلى المجتمع دون بيئة أسرية تحتويهن، أو مصدر دخل يعتمدن عليه في معيشتهن اليومية، إلى جانب عدم بقاء من انتهت محكومياتهن داخل السجون دون أسباب قوية، وغيرها من الأسباب التي لن يدركها إلا من يحمل داخله رسالة وطنية مخلصة تجاه ما كُلّف به تجاه هذه الفئة من النساء اللواتي يعانين من الرفض الأُسَري والاجتماعي!، وإن كانت هناك فئة منهن يرفضن الخروج خوفا من ردة فعل أولياء أمورهن، أو ضعف حمايتهن بعد الخروج، ويفضلن البقاء في الدار!». فهذه النقاط المهمة لم يذكرها تقرير هيئة حقوق الإنسان، للأسف، كجهة وطنية رقابية المتوقع منها أكثر من بيان رسمي يركز على أوجه القصور فقط!، خاصة أن الفرق شاسع بين بيئة السجن ودور الضيافة، في مستوى ونوعية الخدمات، والبرامج المقدمة لهن داخل الجهتين.

كنت أتمنى فعلا عدم وجود مثل هذه الدور في بلادنا، لأن افتتاحها أدى إلى قصور في البرامج التأهيلية للسجينات قبل انتهاء محكومياتهن، وإن كانت تلك البرامج شحيحة وضعيفة جدا من الأساس، وإلا لم تتم المطالبة بافتتاح دُورٍ للضيافة، إلى جانب اعتماد كثير من أهالي المفرج عنهن على الدولة في رعاية بناتهم، والاتجاه إلى التخلي عنهن بسهولة، مع ضعف القرارات التي تلزمهم وتعاقبهم على عدم التعاون والتخلي عن مسؤولياتهم الأسرية، لذلك أصبحت الاعتمادية على دور الضيافة كاملة في تأهيل المفرج عنهن للخروج إلى المجتمع تبعا لظروف كل حالة، وهذا أدى إلى طول المدة على تلك الحالات، والرمي بثقل التقصير والانتقادات على دور الضيافة فقط أكثر من الجهات الإصلاحية، والجهات الحكومية ذات العلاقة، لأنها قضية وطنية لا تتوقف على جهود جهة دون أخرى، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني التي لا تقبل دعم دور الضيافة عندما تحاول فتح الأبواب لنزيلاتها بالخروج، سواء للعمل أو التعليم أو السكن المستقل، تخوّفاً من النتائج بسبب خبرات سيئة واجهتها من بعض الحالات.

وختاماً، لا خلاف على المطالبة بعدم بقاء النزيلات مدة طويلة داخل الضيافة، لكن تفعيل هذه المطالبة تحتاج من هيئة حقوق الإنسان -كجهة رقابية- تفعيل دور الجهات الأخرى في دعم الخطط العلاجية المقترحة لكل نزيلة على حدة، وإعداد دليل إجرائي لمعالجة قضايا السجينات منذ دخولهن السجن حتى خروجهن منه، أو عند تحويلهن إلى دور الضيافة.

وإذا نجحنا في تحديد دور كل جهة في هذه القضية الحساسة، مع الإلزامية والمحاسبة للمقصرين، وألغينا شرط موافقة ولي الأمر لخروجها بعد تأهيلها، سيتحقق عاجلا إقفال مثل هذه الدور التي تُكلف الدولة ميزانية طائلة، والعمل على تسخير هذه الميزانيات في تأهيلهن واستقلالهن المعيشي، والارتقاء بحياتهن كما نطمح جميعا، ولكن دون أي خلل في الحقوق والواجبات للطرفين.