قبل أكثر من 9 سنوات من الآن كتبت عن الجسر البري الذي يربط الخليج بالبحر الأحمر من خلال خط سكك حديدية يربط الرياض بجدة، بينما الأخبار تتوارد عنه منذ حوالي 14 سنة!.

هذا المشروع الذي تأخر كثيرا وكثيرا ولم يتغير شيء، وكنا نتابع تطوراته لسنوات لأسباب عدة، منها أنه يعد من وجهة نظر شخصية من أهم مشاريع النقل في البلد من الناحية الإستراتيجية والاقتصادية، وسيغير مسار التجارة العالمية دون شك، وأيضا شخصيا أعدّ القطارات من أهم المواضيع التي تستهويني كشغف، وقد كتبت عنها عددا من المقالات.

نتكلم عن مشروع جبار يقلل نقل البضائع من الدمام إلى جدة إلى 18 ساعة فقط، بينما بالسفن يأخذ حوالي 7 أيام!، ولك أن تتصور ما سيفعله هذا الاختصار للزمن بالتجارة العالمية والحاويات، هذا غير نقل الركاب من الرياض إلى جدة، والذي سيأخذ حوالي 6 ساعات فقط.

كان المشروع عبارة عن (بي او تي) وكانت هناك مناقصات مبدئيا، وأيضا وقعت عدة عقود مثل عقد مع شركة فلور بـ270 مليون في عام 2013، وكان هناك عقد مع شركة إيطالية بـ137 مليون ريال، وتتوارد الأخبار في كل سنة عن المشروع، لكن لم يُر شيء على أرض الواقع، وتم الحديث أخيرا عن مباحثات مع شركة صينية إلخ.

مشروع جبار يغير خارطة النقل الخليجي والعالمي، تأخر وتأجل لعشرات السنين، وصرفت عليه مئات الملايين.. شيء يدعو للاستغراب!.

الشيء الآخر، الخطوط السعودية والمطارات.. لقد تحسنت الخطوط السعودية عن السابق، لكن لم نر تحسناً كبيراً يضعها في مصاف الأوائل.. ما زال ينقصها الكثير، على الرغم من الدعم الهائل من الدولة، وعلى الرغم من وجود مواسم مهمة لدعمها كالحج والعمرة.

أيضا المطارات، كمثال بُني مطار الملك عبدالعزيز الجديد على أحدث طراز، والمباني والتقنية عنصران مهمان من عناصر أخرى لنجاح تشغيل أي مطار، لذا يجب أن يتغير التفكير والمعاملة وأداء العامل البشري.. المطار القديم يعد الأسوأ في نظر كثيرين، ولا فائدة من التغيير إلى المطار الجديد إذا أحضرت نفس العقليات والمعاملة.

الطرق، وما أدراك ما الطرق.. عندما تسافر في الخطوط الطويلة ترى مستوى جودة لا يليق ببعض الطرق، وكأنك تمضي على مكياج وليس أسفلت، فهو يتآكل بسرعة، وينقشع ويمتلئ بالحفر، حتى طـريقة إصلاح الطرق بدائـية على الرغم من التطور التقني، وتستغرب أين التكنولوجيا عن شركات صيانة الطرق التي عقودها بالملايين!.

نحن الآن في السعودية الجديدة والرؤية، وهذا يعني أن نحب المراكز الأولى فقط، ولم تعد تصلح معنا طريقة (مش الحال!).

نريد أن نرى قفزة نوعية من وزارة النقل تتواكب مع القفزات النوعية التي تحققها المملكة في بقية الوزارات والمجالات!.

على الوزارة أن تنتبه الآن لمرحلة الرقابة والمتابعة والثواب والعقاب ومن لا ينتج يذهب.. المناصب تكليف وليست تشريفا!

مركز المملكة حسب تقييم البنك الدولي لمؤشر ومعيار الأداء اللوجستي في المرتبة الـ55 عالميا في عام 2018، وأعتقد أننا نستحق مركزا أفضل بناء على إمكاناتنا، لكن نحتاج إلى نشاط وإنجاز من الوزارة.

أعلم حق العلم أن ولي العهد عندما يضع شيئا نصب عينيه فإنه سينجزه، والتجربة خير برهان، وهو وضع تطوير قطاع النقل كأحد عناصر التطوير والاقتصاد في رؤيته، لكن على الوزارة أن تكون على مقدار التحدي والمسؤولية، وتسعى لتحقيق التطلعات.