في المشهد الأول، انتهى فصل دراسي تقريبا، وانتهى معه غالب الطلاب من مذاكرتهم واجتهادهم، على مدى الأسبوعين الماضيين، وبدأت الإجازة الفصلية تطل برسم ضحكاتها وابتساماتها على محيا طلابنا وطالباتنا، وهم العملاء الوحيدون تقريبا، الذين أنشئت وزارة التعليم لأجلهم، وغادر «العملاء» مدارسهم. في مشهد آخر، يغادر العميل أبواب هذه الشركة الخدمية أو البنك التجاري أو حتى الحكومي، فإذا بجواله يرن برسالة لتقييم مستوى رضاه بعد تعامله مع خدماتهم المقدمة له كعميل، حتى وإن كان عميلا لا تُنتظر منه أرباح مباشرة، كبعض الجهات الحكومية التي دبت فيها «ريحة» الخصخصة. بالعودة إلى المشهد الأول، هل تم التعامل مع العميل الأهم، وهو الطالب، بهذه الطريقة في المشهد الثاني؟ هل تم قياس رضاه عن الخدمة المقدمة له؟ هل تم استطلاع رأيه عن مدى تأثره بالطريقة التي تلقى بها المعلومات؟. الأهم من ذلك، هل استفاد من أي معلومة طوال هذه الأشهر التي قضاها بين «صد وردّ»، بين مدرسته وبيته في كل صباح تقريبا؟ هل اكتسب من المعارف والمهارات والقدرات ما يجعل ولي أمره يشعر أنه لم «يحرق بنزينا على الفاضي»؟. إن كنا حتى هذا اليوم نتعامل مع طلابنا وكأنهم مجرد آلات نقوم بإدخال بيانات عليها لحفظها فقط، فهنا الكارثة، أليس من الأجمل من تعلُّم العلم هو العمل به؟، فهل أخذت وزارة التعليم هذا المبدأ على عاتقها، لتجعله هدفا ساميا يجب تحقيقه حتى يقال عنها إنها وزارة التعليم فعليا؟. بكلام واضح، هل الميزانيات التي تخصص سنويا لوزارة التعليم، وتعد من أعلى الميزانيات المرصودة على مستوى الوزارات، هل هي توازي مخرجات تطبيق ما تم تعليمه لطلابنا على حياتهم العامة؟. وبكلام أوضح، هل وزارة التعليم مستعدة للنتائج المحتملة، في حال قامت الجهات الرقابية بتكليف جهات تستقطب من خارج المملكة لإجراء اختبارات عملية، تقيس مدى استفادة الطلاب مما تعلموه وعلاقته بالحياة العامة؟، مثل أن يسأل طالب: فيم يستخدم التفاضل والتكامل، إن طلب منه تطبيقه على أرض الواقع مثلا؟. باختصار، هل مخرجات التعليم تدل على اهتمام الوزارة بأن يكون تعليمها مبنيا على أساس أن «قليل من العلم مع العمل، خير من كثيره بلا عمل به»؟.