تحت عنوان ثلاث إستراتيجيات لمواجهة خطر العملة في اليمن، الذي سبق نشره، كان الغرض إفهام صناع القرار في صنعاء مدى فداحة قرارهم بمنع تداول مختلف فئات العملة الجديدة، وكذلك التوقف عن الترويج كذبا لما أسموه «الريال الإلكتروني»، لكن نظرا لإصرار ميليشيات الحوثي تنفيذ قرارها بخصوص العملة النقدية الجديدة عبر مؤسسات الدولة التي استولت عليها دون سند قانوني، وما اصطلح عليه «الانقلاب»، فنحن بصدد مساعدة النيابة العامة على تكيف إجراءاتها القانونية وقرار الاتهام ضد سلطات وزعامات الحوثي الميليشياوية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومته في صنعاء، بأنها ليست جريمة سرقة فقط، بل جريمة نصب واستثمار احتيالي على الشعب اليمني، فهي تروج أن الأموال تستبدل بسقف محدد من العملة الورقية القديمة لا تتجاوز 100 ألف ريال، بينما بقية الأموال من العملة الورقية الجديدة تحول إلى الريال الإلكتروني أي وهم وسراب.

يعرف القانون اليمني جريمة النصب والاحتيال بأنها «الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير دون وجه حق بغرض تملكه، باستخدام إحدى وسائل التدليس والاحتيال المنصوص عليها بالقانون اليمني».

هناك ركن مادي وآخر معنوي في جريمة النصب والاحتيال، ونحن لسنا بصدد سرد تقديم طرح لمستشار قانوني بقدر ما نريد إيضاح أنها عملية احتيال لجهة تنتحل صفة دولة، وتخدع الشعب أنها مسؤولة عن عمليات ومهام البنك المركزي اليمني، وإلا لما تمكنت السلطة الشرعية من طباعة عملة جديدة بموافقة صندوق النقد الدولي، وتم تداولها منذ 2018.

الاحتيال على الشعب اليمني بدأ منذ طلب زعيم جماعة الحوثي دعم البنك المركزي اليمني بصنعاء، ولو بمبلغ 50 ريالا يمنيا، ولعدم ثقة الشعب اليمني بجماعة الحوثي وزعيمها التي لا تمتلك سندا قانونيا لإدارة البلد، لجأت الجماعة لأكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ اليمن تحت «يافطة» سميت استبدال العملة الورقية الجديدة بما يقابلها من عملة غير ورقية من ابتكار الحوثية، تمت تسميتها «الريال الإلكتروني».

توضيح صورة النصب والاحتيال تبدأ من بوابة البحث عن الريال الإلكتروني المزعوم في البقالة والمخبز والسوبرماركت والصيدلية والمستشفيات ومحل الخضروات والفواكه والجزارة ومختلف المعارض والمحال التجارية في العاصمة صنعاء، والبحث عنه يحتاج إلى إجابة الأسئلة التالية:

1. ما هو الريال الإلكتروني؟ وما هويته؟

2. أين مصرف الريال الإلكتروني؟

3. ماهي عملة الريال الإلكتروني؟

4. ماهي البنية التحتية لشبكة الريال الإلكتروني؟

5. ما هو الغطاء القانوني للريال الإلكتروني؟

العملة تعرف بأنها وسيلة التبادل التجاري، بينما العملة الورقية هي الغطاء القانوني من الحكومة المصدرة له عوضا عن سلعة ما، وطالما حكومة الحوثي غير مخولة بإصدار عملة ورقية فما بالنا بعملة إلكترونية.

الريال الإلكتروني إذا تم إنشاء قواعد بيانات بنكية وحسابات، فأين شبكة البنية التحتية لهذا الغرض، علما بأنه في نهاية الأمر عبارة عن (كروت) تماثل قسائم الشراء المحددة بسقف مالي مسبق.

هل يعقل بأن البنك المركزي لأي بلد معترف به دوليا يستحدث نقاط استبدال بنكية، تطلب من الشعب تسليم عملة معترف بها من قبل صندوق النقد الدولي مقابل أن يتم منحه «عملة وهمية».

الخلاصة أن الحوثي استخدم طريقة ذكية لجعل المواطنين يودعون مدخراتهم وأموالهم من العملة الورقية الجديدة في بنوكه، لكن أن يمنحهم مقابلها ريالا إلكترونيا، أي عملة وهمية، فهذه جريمة نصب واحتيال، وغسل الأموال التي نهبها، وتهرب من الضرائب والإقرارات بالذمة المالية.