المعاملة بالمثل، مبدأ شهير في العلاقات الدولية، وهي معاملة الدول لبعضها البعض بالمثل، سواء امتيازات أو فوائد أو حتى عقوبات.

ولقد مر أكثر من مئة يوم على تطبيق قانون الفيزا السياحية السعودية الذي تم تطبيقه في 27 سبتمبر من العام الماضي، وسمح لرعايا 49 دولة بدخول المملكة بحرية دون تعقيدات، وهذا شيء إيجابي ومهم لمكانة المملكة الدولية والاقتصادية، ويفتح آفاقا عديدة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

سابقا عندما نقول إن مكانة الجواز السعودي يجب أن تكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن في الترتيب الدولي، قياسا على قدرات المملكة ومكانتها الدولية، كان البعض يتحجج بالمعاملة بالمثل، وأن فيزا الدخول للمملكة كان صعب الحصول عليها... إلخ، لكن الآن أصبحت تستطيع الحصول على التأشيرة السياحية بالمطار! فتوقعنا أن نرى معاملة بالمثل من كثير من الدول، ما زال أكثر من 115 دولة تطالب السعودي بالفيزا، مع أن السائح السعودي أفضل والأكثر إنفاقا على المستوى العالمي حسب كثير من الإحصاءات الدولية، أين دور سفاراتنا بالخارج من العمل على تسهيل حركة السياح السعوديين!، مرت أكثر من مئة يوم ولم نرَ تفعيلا لمبدأ المعاملة بالمثل الذي كان يتحجج به البعض للسياح السعوديين.

مؤسف أن نرى السائح السعودي يقف أمام بعض السفارات يطلب تأشيرة في بلدان تستفيد أن يدخلها السائح السعودي، هذا غير الطلبات غير المعقولة التي تطالب بها بعض الدول من أوراق من السائح السعودي، وتعامله للأسف وكأنه فقير معدم، تخاف أن يهاجر لها هجرة غير شرعية، وهي أقل منا دخلا ورفاهية، لم نشاهد السياح السعوديين يذهبون إلى دول حتى يتخلفوا فيها، أو يسببوا المشاكل إلا أقل النوادر، هذا غير طلبات بعض السفارات التي تتدخل في المعلومات الشخصية للمواطن السعودي، كسعوديين نقولها ونكررها لأي دولة كانت «ليس لأحد علينا مِنّة إلا وجهه الكريم».

مبدأ المعاملة بالمثل اختفى بعد إقرار قانون الفيزا السياحية السعودية، الآن نريد أن نرى مجهود وعمل سفاراتنا بالخارج للحصول على المعاملة بالمثل.

أبلغني كثير من الزملاء أن بعض الإخوان في السفارات غير سعيدين بمقالاتي عن الخارجية والسفارات، وكل له الحق في إبداء رأيه، سواء من لم يتفق مع مقالاتي أو يتفق، لكن أليس من الأفضل أن يثبتوا لنا أنهم يعملون بجد لتسهيل حركة المواطنين، يا أخي حاولوا أن تحرجوا الذين يكتبون عن تقصير السفارات بإنجاز ملف المعاملة بالمثل ورفع وعلو مكانة الجواز الأخضر في الترتيب الدولي، والله إننا لنسعد بذلك لأنه رفع لمكانة المملكة التي هي عالية بحفظ الله، ويفدينا كمواطنين، لكن البعض لا تعجبه مقالات الكتاب، وفي الوقت نفسه لا نرى مجهودا واضحا ونتائج لأعماله!

مثال آخر، استلمت المملكة رئاسة مجموعة العشرين نظرا لمكانتها الدولية بين (أعضاء مجلس إدارة العالم) كما نسمي مجموعة العشرين، وتوقعت منذ اليوم الأول نشاطا محموما لا ينقطع لسفاراتنا في هذه الدول والدول الأخرى المدعوة، لكن لم أر شيئا ملفتا، وأحسن الأمير فيصل بن فرحان أن اجتمع مع السفراء لحثهم على العمل فيما يخص هذا الملف، سننتظر ونرى ونراقب مجهودات السفارات في المرحلة القادمة، وأتمنى من كل قلبي أن أرى جهدا احترافيا يبين مكانة المملكة في هذه الدول.

ما زال الإعلام الخارجي السعودي بحاجة للتطوير، و رغم الفرص والأزمات، وبدل مقولة «مرت مئة»، يوم نستطيع القول، إنه مرت سنوات وما زلنا بحاجة لتطوير هذا الإعلام.

بعض السفارات بدأت تترجم حرفيا بعض الأخبار السعودية بلغة جامدة، ولا أعلم من قال لهم إن هذا هو كل الإعلام!. الإعلام يختلف باختلاف المتلقي، وهناك طرق احترافية لوصول الصورة والمعلومة، تختلف من شعب إلى آخر. للأسف بعض السفارات كأنها تخاطب نفسها أو السعوديين في الداخل. أغلب الشعب السعودي (يعرف ديرته زين)، فاجعل تركيزك في الدولة المستضيفة، أما الأزمات الأخيرة بل الفرص الكثيرة الأخيرة، فأثبتت أكثر حاجتنا لتطوير إعلامنا الخارجي.

الأحداث الأخيرة في المنطقة وأخطاء إيران الكارثية، مثال، ودفاع اللوبي الإيراني في الغرب وبعض التيار اليساري عنها، صار لنا فترة (شيل وحط مع مؤيدي إيران) وكل من يشارك معنا في وسائل التواصل والإعلام، سعوديون أو خليجيون متطوعون، بينما اللوبي الإيراني تجد عليه آثار التنظيم، لأن الحجج متشابهة، وهناك تركيز عليها، مما يدل على أن البروباغندا الإيرانية تصدر وتنشر من مصدر واحد، ويتلقفها اللوبي الإيراني، سواء من أصول إيرانية، أو الغربيين اليساريين. أين الماكينة الإعلامية المحترفة لنقل وجهة نظر المملكة، أين دور الدبلوماسيين والسفارات السعودية بالخارج؟ المشكلة عندما لا يقتنع البعض في السفارات بالتقصير وأنه (كله تمام). الاعتراف بالمشكلة والتقصير هو أول خطوات الحل، بدل أن تلوم الكتاب لماذا تكتبون عن السفارات، حاولوا أن تغيروا الوضع للأحسن، أؤكد لكم أنه لا يوجد كاتب سعودي إلا ويفرح عندما يرى إنجازا لإحدى الوزارات، ومنها الخارجية والسفارات، نتمنى أن نستعيد ذكريات وأفعال وأعمال ونفوذ طيبي الذكر، الشبيلي والمنقور والأمير بندر بن سلطان، نريد أن نرى العشرات بل المئات مثلهم.