في جهد لافت تشكر عليه، شرعت إدارة مرور العاصمة المقدسة منذ عهد قريب، بتنفيذ بعض التغيرات الجذرية في طرق سير المركبات، بالتعاون مع جهات لها علاقة بإدارة وهندسة الطرق، ما أوجد مرونة في حركة السير، رغم الكثافة العددية للمركبات في مكة المكرمة، وذلك عبر فتح بعض الطرقات والممرات التي كانت تقف عائقا أمام انسيابية الحركة المرورية، وهو العمل الذي أدى إلى انضباطية سائقي المركبات أكثر من ذي قبل، ونتح عنه سلاسة في التحول بين التقاطعات وسهولة في حركة العبور والدوران، كما قامت الإدارة بغلق شوارع ومنافذ ثانوية لم يكن لها جدوى تذكر، لتفتح بذلك المجال أمام خيارات أخرى تحول دون حدوث تضارب في أنظمة السير أوعرقلة الحركة المرورية، كما وضعت حواجز من الأرصفة الفاصلة بين شارعين في طراز رفيع المستوى، وفتحت منافذ ومخارج للالتفاف والدوران عكس الاتجاه، كحل أمثل، بديلا عن الوقوف في الإشارات المرورية لفترات طويلة. ومن ذلك أيضا تعميد سفلتة بعض الشوارع الحيوية والرئيسة التي تأثرت تأثرا بالغا بعوامل التعرية، علاوة على دورها في التوجيه بالحد من التشوهات البصرية للمنظر العام، كما أزالت بعض الأرصفة القديمة التي كانت حاجزا أمام تنظيم واتساع الطرقات بمساحة تتناسب مع ضغط حركة السيارات في أوقات الذروة، ليغدو الشارع بعد ذلك منسجما ومتوافقا مع الكثافة السكانية فيها، بحيث أصبح يسع قدرا أكبر من المركبات بعد أن كان أكثر ازدحاما في أوقات سابقة، وساوت بعض المطبات الاصطناعية التي وضعت دون سابق دراسة، آخذة بعين الاعتبار سلامة المارة والمركبات العابرة. هذه الحلول التي أنجزت وغيرها مما لم أذكره، لاقت استحسان الكثير من أفراد المجتمع، لكن المقام لا يسع لسرد باقي المنجزات. لم يبق سوى المنطقة المركزية التي يتملل منها البعض لاكتظاظها بالزوار والمعتمرين، وهنا يمكن أن يلتمس العذر نظرا للطبيعة الجغرافية لهذه البقعة المباركة، ونظرا للحركة المستمرة على الدوام في رحاب المسجد الحرام، وهو أمر مسلم به لمن يدرك ويعرف جيدا تضاريس مكة المكرمة. من واقع تجربتي ومعايشتي لأحوال مكة المرورية، أستطيع القول إن مرور مكة تمكن بتلك التجديدات والحلول تفادي بعض السلبيات والملاحظات الميدانية التي كان لها دور سلبي سابقا، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى مجموعة حزم مرورية لها فاعلية وإيجابية كبيرة. ومن هنا كان لزاما علينا أن نوجه رسالة شكر وعرفان لإدارة مرور مكة على هذا التحول الملموس، بعد أن أحدث فارقا كبيرا على مستوى الخدمات المرورية.