في الوقت الذي أولت فيه المملكة اهتماما خاصاً بالتشجير ومكافحة التصحر وتحسين جودة الحياة، أكد الأكاديمي والمستشار البيئي الدكتور عبدالرحمن الصقير، أن الحالة الراهنة للتشجير في معظم مدن ومحافظات المملكة لا ترقى للمستوى المأمول، بل إن إطلالة على معظم مدن المملكة تكشف ضعف التشجير في أحيان وغيابه في أحيان أخرى.

ضرورة التشجير

قال الصقير: «إن ازدياد عدد السكان وما صاحبه من توسع عمراني وازدياد عدد السيارات والأسطح الخرسانية والإسفلت، وما تشهده المملكة من نهضة صناعية، لابد أن يصاحبه زيادة في الملوثات وعلى رأسها ملوثات الهواء، وهذا بدوره يتطلب العناية بالتشجير كماً ونوعاً، واعتبار التشجير ضرورة ملحة وليس ترفاً يمكن الاستغناء عنه، وهذا للأسف غائب تماماً عن أذهان المخططين والمعنيين بالتشجير الحضري في المملكة حيث تطغى العشوائية والممارسات الخاطئة على كثير من أنشطة التشجير؛ فمن تقزيم للأشجار يفقدها قيمتها البيئية، إلى المبالغة في زراعة النخيل ونخيل الزينة ذات القيمة البيئية المتدنية، مرورا بإهمال زراعة الأحياء بما تحويه من شوارع فرعية ومبانٍ حكومية وخاصة، وانتهاء بإزالة الأشجار واقتلاعها دون مبرر مقنع وبطريقة مضرة بالبيئة، بل لقد برر أحد أمناء المناطق وفي ملتقى تشجير وطني إزالة أشجار النيم البالغة الأهمية من شوارع منطقته بأنها تسقط أوراقها.

أمثلة عالمية

أبان الصقير أن العالم أدرك أهمية الأشجار ودورها الحيوي في حياة الإنسان، فعلى سبيل المثال قدرت القيمة البيئية السنوية لأشجار كاليفورنيا البالغ عددها 9.1 ملايين شجرة بمليار دولار، حيث أُخِذ في الاعتبار دور الأشجار في زيادة الأكسجين وتقليل الملوثات والضوضاء وتقليل درجة الحرارة وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة، وفي مدينة ساكرامنتو الأمريكية ذُكر أن وجود 4 أشجار كبيرة أمام كل منزل يسهم في خفض انبعاث الكربون من محطات الطاقة بما يقارب 41 ألف طن سنويا، كما أنفقت أستراليا ملايين الدولارات لزراعة مليار شجرة لمقاومة انجراف التربة وما يسببه ذلك من خسائر وأخطار. وتخطط بلدية ملبورن الأسترالية لزراعة عشرات الآلاف من الأشجار داخل المدينة لخفض درجة الحرارة الناجمة عن تزايد عدد السكان وبالتالي اتساع النطاق العمراني والطرق الإسفلتية وزيادة وسائل المواصلات، ويهدف المسئولون لإنقاص الحرارة 4 درجات مئوية في عام 2030.

خفض درجات الحرارة

أشار الصقير إلى بعض الدراسات التي ذكرت أن الأشجار الكبيرة تخفض درجة حرارة المباني بـ 5 درجات على الأقل مقارنة بالمباني المكشوفة، وهذا يعني توفير كمية من الطاقة الكهربائية المستخدمة في التبريد قدرت بـ 20-50% مما يوفر الكثير من المال حيث إن أغلب استهلاك الكهرباء في المناطق الصحراوية الحارة يذهب للتبريد، بل إن الأشجار توفر الدفء للمباني عن طريق اعتراض وصد الرياح الباردة.