لقاء وزير التعليم مع عبدالله المديفر، جاء ليرسم للمواطنين السياسات العامة والاتجاهات الإستراتيجية القادمة التي تعمل عليها المملكة لتطوير أنظمتها التعليمية في القطاعات الثلاثة، العام والعالي والمهني.

لذلك تحدث الوزير عن نظام الجامعات الجديد بصورة شمولية وعامة، حيث رمى الكرة في ملعب مجلس شؤون الجامعات الذي لم يتم عقده حتى هذه اللحظة، والذي قال إنه سيتولى رسم السياسات والخطوات والإجراءات التنفيذية لهذا النظام الوليد. والذي أدرك أنا أنه لم يتضح لحد الآن للجميع، بما فيهم مسؤولو الجامعات، صورته وشكله النهائي.

غالبية من يكتب في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا النظام، إذا تحدث عن المزايا وعن المخاطر المتوقعة فإنه يتحدث عنها من وجهة نظر الطالب وعضو هيئة التدريس فقط، أما ما يتعلق بالموظفين الإداريين الذين يحملون الجانب المالي والإداري، والذين يعتبرون الركن الأهم من أركان الجامعة، فلا أحد يلتفت إليهم، أو يتحدث عنهم.

لا يمكن للعملية التعليمية في الجامعات أن تتم دون الموظفين الإداريين، الذين رتبوا العمل الجامعي وأقاموه وساندوه خلال العقود الماضية. والذين يشاهدون عمليات تهميشهم تتم بشكل ممنهج وواضح. وأقل صورة من صور هذا التهميش، أن نظام الجامعات القديم لم يدخلهم أبدا من ضمن منسوبيه والعاملين فيه. كان النظام القديم يتعامل مع الأعضاء ومع الباحثين والمساعدين الأكاديميين فقط، أما الموظفون الإداريون فإنهم متروكون بالتبعية لوزارة الخدمة المدنية.

لا أرغب في الحديث عن الماضي وأخطائه. أود القول بأن مجلس الجامعات الجديد يجب أن يمثل الإداريون فيه -على الأقل- ما لا يقل عن عشرة بالمئة من نصابه. لا نرغب في أن يكون المجلس بالكامل من أعضاء هيئة التدريس فقط. يجب أن يكون للموظفين الإداريين موطأ قدم فيه. أولا: لأنهم هم الأعرف والأعلم بخفايا الأمور المالية والفنية للعمل الإداري في الجامعة، وبالتالي فإن مشاركتهم في رسم السياسات الجديدة سوف تكون من أرض الواقع المعاش حاليا. وثانيا: لكي لا يستفرد الأكاديميون (مع وافر محبتنا وتقديرنا لهم ولدورهم الكبير) بكل المزايا والمصالح المالية والوظيفية والقيادية في النظام الجديد، الذي يجب أن تنتقل إليه الجامعات خلال السنوات القادمة.

لا توجد أي مؤسسة أو هيئة في الدولة تفرق بين منسوبيها مثل الجامعات الحكومية. كثير من المناصب الإدارية البحتة التي تنفذ العمل الإداري المساند، والتي يتوجب على من يشغلها أن تكون لديه الدراية والإلمام بالعمل الإداري، تذهب لأعضاء هيئة تدريس متخصصين في شؤون هندسية وصحية وبيئية وتربوية، بعضهم للتو ابتدأ العمل في الخدمة العامة، والذين بالتالي، من الطبيعي أنهم سيقدمون على تنفيذ قرارات كارثية في بعض الأحيان.

معالي الوزير، رجاء، يجب إعطاء الإداريين حقهم من العمل القيادي في المجلس القادم. يجب ألا يكونوا مجرد أدوات مساندة.

أخيرا، هل يمكنني القول إن ترك هذه الخبرات الإدارية الضخمة قيد الإهمال، يدخل ضمن باب الهدر في المورد البشري، وفي كفاءة الأداء والعمل المحوكم والرشيد؟