ترى بعض التقارير، المجلس الاقتصادي والاجتماعي بأنه القلب النابض لمنظمة الأمم المتحدة. مؤخراً أنشأ هذا المجلس، لجنة عليا سماها «المجلس عالي المستوى للأثر الاجتماعي للإجراءات الاقتصادية». مهمة أعضاء هذه اللجنة، البحث عن مؤشرات الآثار الاقتصادية في الحياة الاجتماعية للمواطن بالمجتمعات محل الدراسة. ومؤخراً أيضاً، صدر توجيه من مجلس الوزراء السعودي للجهات الحكومية، بعدم الرفع بأي مقترح لفرض رسوم أو مقابل مالي أو حتى تعديلات بالزيادة على رسوم قائمة،

إلا بعد دراسة، تبين الآثار الاقتصادية والاجتماعية لذلك الاقتراح.

في مقال لنوف السعيدان تحدثت فيه عن إدارة إجراءات العمل. قالت: «إن على عاتق المنظمات تقع مسؤولية (النضج الثقافي في تحديد إجراءات العمل)»، وأضافت أن هذا النضج، لا يحدث إلا بعد تكامل مثلثه الخاص به، والذي يرتكز على:

حوكمة إجراءات العمل في المنظمة. استعداد المنظمة للتغيير وعمل الإجراءات المسؤولة عن تحقيق المنفعة. استعداد الأفراد والإدارات للتعاون لتحقيق سلسلة المنفعة.

قد تتساءل الآن عزيزي القارئ، عن فكرة ما هو الرابط بين هذه المعلومات التي أوردتها أعلاه، حول مجلس الأثر الاجتماعي في الأمم المتحدة، وحول توجيه مجلس الوزراء السعودي، وكذلك حول مثلث النضج الثقافي.

سوف أجيبك، بأني أعتقد أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي في منظمة الأمم المتحدة، يرى عدم وجود آليات تربط ما بين القرارات الاقتصادية، وما بين حياة الأفراد الساكنين في تلك الدول المراد قياس أثر الاقتصاد في حياة مواطنيها، ولذلك أدرك الفجوة، ورأى أهمية تأسيس هذه اللجنة لتعطي تقاريرها ونصائحها للدول، لتوازن أثر النمو الاقتصادي للدولة في تحسن دخول أفرادها.

في نفس الوقت، استشعر مجلس الوزراء السعودي هذا الخطر الذي توسعت فيه بعض الجهات، فأصدر أمره بعدم الرفع بالمقترحات، إلا بعد دراسة مستفيضة لآثارها الاقتصادية في حياة المواطن، وكذلك بما لا يسبب إشكاليات لتنافسية البيئة الاستثمارية في المملكة.

لذلك فإن من الواجب على السادة الموظفين في الجهة الحكومية، وخصوصاً أولئك القياديين في الصفوف الثانية، معرفة أنه تقع على عاتقهم أهمية فهم مثلث النضج الثقافي في تحديد إجراءات العمل. حيث إن كل قرار سوف يخرج من وزاراتهم حالياً، يجب أن يخضع لهذا المثلث. والذي بالتالي سوف تكون القرارات الناتجة عنه قرارات ناضجة.

أتفهم أن عمليات الوصول إلى النضج الثقافي للمنظمة ليست بالأمر اليسير. ذلك أن تغيير الثقافة الداخلية في الجهة الحكومية، خصوصاً تلك التي تتعلق بإجراءات الحوكمة في المنظمة، أمر يحتاج إلى مجهودات أكبر. ولكن، فهم المسؤول لآلية عمل هذا المثلث، سوف ييسر عليه كثيرا من إستراتيجيات العمل الداخلي. وأستطيع القول في النهاية، بأن مهمة النضج الثقافي للمنظمات والهيئات المنشأة حديثاً، سوف تكون أيسر وأسرع إذا استطاعت بناء نظمها الداخلية على إستراتيجيات هذا المثلث.