لا زلت أذكر بدايات تلك المغردة في تويتر 2012، والتي أصبحت فيما بعد من أشهر هوامير تطبيق تويتر في العالم العربي وتحديداً في السعودية، عندما كانت تبحث عن وظيفة تعليمية، وتتوزع تغريداتها بين حسابات وزارة التعليم الرسمية، وتستفسر عن آخر أخبار الخدمة المدنية، وعن موعد إعلانات الوظائف التعليمية النسائية، والأخرى في هاشتاقات اختبارات قياس تبحث عن الأسئلة والحلول، تجمعها وتدرسها كل سنة، وتعيد الاختبار علها تقترب من النتيجة التي تقربها من الوظيفة في المفاضلة بين المتقدمات. والآن بعد مرور تلك السنوات، وطفرة تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وتحول التوجه الدعائي للشركات والمؤسسات في الاعلإنات بما يتناسب مع المرحلة الحالية عند مشاهير بأسعارها الفلكية التي لا تعتمد على درجات المعدل، أو نقاط القوة وسنوات الخبرة، إنما على عدد المتابعين ومرات تصوير الشاشة، وبفضل من الله عليهم لم يعودوا بحاجة الوظيفة على الأقل مادياً، لو افترضنا استمرار رغبتهم في الحصول على وظيفة لأسبابهم الأخرى. هذا رزقهم ويؤتي الله رزقه من يشاء وكيفما شاء، ومع ذلك نرى اليوم من يطالب بفرض الضرائب عليهم أو إغلاق حساباتهم، وإنزال العقوبات بهم، بعضهم لأسباب تكاد تكون مقنعة نوعاً ما، ليس بإغلاق الحساب، إنما العقوبة وفرض الغرامة المناسبة، وبعضهم بكل أمانة، دون أسباب، وسببها الرئيس يعود إلى طبيعة النفس البشرية من حسد وحقد وأنانية. هذا الرزق هو منحة ربانية، عطية من عطايا الله سبحانه وتعالى، وهو إذا أراد للإنسان رزقا هيأه له. قد لا تكون معه الشهادة ولا الخبرة، ولكن الله هيأ له وأعانه على تنفيذه، وعندما نراه نعجب من قدراته وأسلوبه، كيف أبدع فيه وأتقنه دون علم أو خبرة. ونستدل على ذلك بما حدث مع أهل الصُفة، وهم كما جاء في المصادر التاريخية «أن معظم من نزل الصُفة كانوا من فقراء المهاجرين الذين لم يجدوا مكانا ينزلون فيه، وأن أول من نزلها هم مهاجرو مكة، وبسبب فقرهم الشديد لم يكن الرجل منهم يجد قوت يومه ويبيت طاوياً، بل إن بعضهم بلا مسكن، ويتخذون من المساجد مساكن ينامون الليل فيها، لهذا اجتمعوا وطلبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو الله، أن يرزقهم الغنى والمال الذي يغنيهم عن الناس، فأنزل سبحانه وتعالى الآية الكريمة في سورة الشورى (27): (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير)». فالله من حكمته ينزل الرزق على الناس بقدر، أناس جعلهم أغنياء وآخرون فقراء، وهو بعباده خبير بصير، فالذين نراهم يكثرون «الحلطمة» والحرب على هؤلاء المشاهير وحملات في تبليكهم وإلغاء متابعتهم، حاسدون، فالله وحده الرازق، ولو اجتمع الثقلان على قطع رزقك لن يمكنهم الله من ذلك، ولله في خلقه وتوزيع رزقه شؤون. نعم نؤيد وبشدة القوانين التي تضبط سلوكياتهم وتؤدبهم، وتحد من طمع الجشعين منهم في إعلاناتهم، ومراعاة أساليبهم في البحث عن الشهرة بما يوائم مجتمعنا وقيمنا، ويحقق مفهوم الارتقاء، كي يعوا أنهم أصبحوا قدوة، يتابعهم الصغير قبل الكبير، والمراهق قبل الراشد والعاقل. وبالتأكيد حديثي هنا يخص المشاهير السعوديين أبناء البلد فقط. وفي نهاية الأمر هي مراحل، وكل مرحلة لها أدواتها وأشكالها، كسب فيها من كسب، ورزق الله من يستحق. ننتظر المرحلة القادمة كيف ستكون وما هي أدواتها، ومن هم الفائزون بها يا ترى!، وهل انشغل المتحلطمون بالاستعداد لها؟. أسأل الله الكريم أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والسلام.