وقف الفكر لدى البعض تجاه المرأة -حقبة من الزمن- عند نقطة معينة، رافضا تجاوزها والإيمان بمتغيرات العصر التي تفترض محاكاة التطور فيما يخص المرأة، وغير مؤمن بفاعليتها في تنمية المجتمع مشاركة مع الرجل، محتكرا دورها في القالب الذي تشكلت فيه بفعل الثقافات القديمة.

مع تطور الحضارة، استطاع الفكر العام في دولتنا تجاوز هذا التوقف، فلا يخفى دور الحضارة في صناعة المرأة، وحضارتنا من الحضارات التي صنّفت المرأة عضوا فاعلا في المجتمع، وقيادة دولتنا الحكيمة من القيادات التي تعي جيدا مكانة المرأة، ودورها اللامحدود في تنمية المجتمع، وعيّا نابعا مما حققته المرأة من إنجازات، بعد فتح مجالات التعليم أمامها، فأثبتت وجودها في مجال العلم والعمل، وحازت ثقة المجتمع وثقة القيادة، التي حققت في فترة وجيزة من الزمن تنمية شملت جميع مجالات الحياة، وتوجَّهت ثمار التنمية وخططها إلى أفراد المجتمع بالدرجة الأولى، انطلاقا من أن تنمية المواطنين هي الثمرة الحقيقية والمقياس الأساسي عند تقويم خطط التنمية، ولمكانة المرأة المميزة ودورها في بناء المجتمع، إذ هي النواة الأساسية للأسرة والمجتمع.

لهذا، فإن الاستفادة من إمكاناتها وتطوير هذه الإمكانات، للمشاركة بشكل فاعل في التغيير الذي تعيشه بلادنا، يعدّ من أهم أهداف رؤية المملكة 2030، حتى أصبح موضوع تمكين المرأة شعارا أساسيا في هذه الرؤية.

تحت شعار تمكين المرأة، كان التوجه الأولي لقيادتنا نحو مشكلات المرأة وقضاياها وحقوقها، فأصدرت قرارات تضمن لها الحقوق الشرعية والقانونية كافة. فبعد عام على سريان قرار السماح للسعوديات بقيادة السيارة، توالت قرارت تعديلات نظام وثائق السفر والأحوال المدنية، حتى أصبحت حقوق المرأة واضحة، ومدعومة نظاميا، ومن يمنعها منها سيكون مسؤولا أمام النظام، ومُطالبا بتنفيذ كل تفاصيلها.

تحت شعار تمكين المرأة، فتحت المملكة مجالات أكثر للتعليم والعمل، تساعدها على الاندماج في سوق العمل، لتكتشف مهاراتها وقدراتها الإنتاجيّة، إضافة إلى المردود الماديّ الذي روعيت فيه المساواة مع الرجل عند تأدية العمل نفسه.

كما تم تعزيز دور المرأة القيادي، بتوليها مناصب في وزارة الصحة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة التعليم، وغيرها من الوزارات والسفارات السعودية. فتعززت مكانة المرأة علميا وثقافيا وعمليا واقتصاديا واجتماعيا، وأثبتت فاعليتها في المجالات التي انخرطت فيها، سواء التعليم أو الصحة أو الاستثمار وغيرها، مؤكدة أنها تستحق الثقة التي حازتها من قيادتنا الحكيمة.

ما تقدم دعم كبير للمرأة، له ثمار جلية، فهو يعززالثقة بالنفس، المفتاح الأساسي للاستقرار والنجاح، كما أنه أحد المحفزات الإيجابية التي تزيد من التمسك بالطموحات وتأكيد الذات، والاعتماد على النفس، وتحمل المسؤولية، وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة من إمكانات المرأة ومهاراتها في العملية التنموية للمجتمع، والإسهام في القضاء على البطالة النسائية، مما ينعكس إيجابا على دخل الأسرة المادي، وتحسين وضعها الاقتصادي.

وكما أن هذا التمكين جاء لمصلحة المرأة السعودية، إلا أنه مسؤولية لا يستهان بها، تتطلب من المرأة التعامل معها بطريقة سليمة، وبعمل متقن وتدريب مستمر، يساعدها على كشف قدراتها، وإطلاق مواهبها وطاقاتها، والتعبير بالمبادرة والإبداع، وتنظيم الجهود حتى تنال مزيدا من الثقة، وممرا سالكا لتمكين أكثر، ما زالت المرأة السعودية تنتظره، وتحقيق طموحات أكبر ترضي الذات الطموحة لديها.