في ظل الخطوات السريعة والجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة التعليم -مشكورة- للقفز بالمنظومة التعليمية إلى أعلى مستويات الجودة، تبقى بعض الأمور التي تحتاج إلى من هو خارج المشهد التعليمي، ليلفت نظر المسؤول إليها لتنضم إلى قائمة أولوياتهم التي عودونا على وضعها تحت بؤرة الاهتمام.

كأولياء أمور قد تعترضنا مشكلات مع أبنائنا قد تغيب عن نظر المسؤولين لانشغالهم بما هو أكبر، ولكنها أمور يجب أن تعالج حتى نصل إلى الهدف الأكبر وهو الارتقاء إلى درجة تقترب من منطقة -الـ لا أخطاء ولا عثرات- فإذا لم نكن كأهل وأولياء أمور يدا بيد مع القائمين على التعليم فإن الحمل على طرف واحد سيكون ثقيلا والحلول لن تكون سريعة.

ما شجعني على كتابة هذا المقال هو المرونة غير المسبوقة التي تعاملت بها الوزارة خلال الفترة السابقة مع تقلبات الجو وظروف المناخ من حيث تأخير وقت الدوام صباحا في بعض المدن، بحيث يكون القرار خاصا يرتبط بالمنطقة وظروفها لا أمرا عامًّا يشمل الجميع دون الالتفات لظروف استثنائية تستجد على كل منطقة، تداعيات تلك المرونة المذهلة تعدت ذلك إلى جعل أمر حضور الطالب أو عدمه يعود لأهله إن كان ذا مشكلات صحية يُخشى عليه من تفاقمها في حال حضوره.

من المشكلات الكبرى التي تواجهنا كأهل ويجب أن يكون لها حل يتناسب مع حجم الضرر الناتج عنها، مشكلة الحضور والغياب خلال فترة الأمراض الموسمية أو الأوبئة التي قد تنتشر في العالم أجمع أو منطقة محددة من مناطقنا، فكلنا يعرف أن الهدف الذي نسعى إليه جميعا هو زرع المعرفة والعلم في عقول الطلاب ليطرح زرعنا أجيالا مثمرة ناضجة بعلمها ووعيها وثقافتها، أجيالا تخدم نفسها ومجتمعها ووطنها، وبما أن الفائدة العلمية هي الهدف والغاية فإن الحضور والتدقيق فيه ليس هو الأهم، بل قد يكون هو العائق في وجه الغاية الأسمى متى ما كان حضور الطالب بأي مرحلة من مراحل التعليم سيسهم بشكل فعال وسريع جدا في انتشار الأمراض الموسمية أو الوبائية، لا قدر الله..

قد يقول قائل وماذا عن قيمة الالتزام والانضباط التي نحرص على تعليمها لهم من خلال محاسبتهم على حضورهم وغيابهم؟ وهنا نقول إن ذلك أمر مهم جداً يجب أن نحافظ عليه ونزرعه كقيمة لا بد أن يُحافظ عليها، ولكن المرونة في ضبط آلية الحضور ليست مستحيلة، ولا هي ضرب من خيال، والحل في تفعيل الحضور عن بعد، أي يلتزم الطالب بالحضور من خلال تقنية الشبكة العنكبوتية وكأنه حاضر في فصله المدرسي، يسمع ويشارك ويؤدي ما عليه من مهام وكأنه في المدرسة، دعونا نستعرض إيجابياتها بشكل سريع.

* الحد من انتشار المرض بشكل كبير جدا.

* وجوده في بيته ومع أهله يجعله تحت مسؤوليتهم وقيد التصرف السريع في حالة الحاجة إلى ما هو أكثر من الراحة أو التطبب المعتاد.

* إن كان الحضور المدرسي يعلم النشء على الانضباط فالحضور من المنزل يزرع فيه هذه القيمة بشكل أعمق، لأنه غائب، وإن حضر فهو منهك وبطاقة استيعابية ناقصة، ولكنه من بيته يكون أكثر أريحية ويتعلم على التغلب على الظروف لا الهرب منها.

* الحضور عبر الشبكة العنكبوتية يجعل المعلم والطالب في مرونة تساعد على عدم إرهاق كليهما بشرح ما فات الطالب أو واجبات متراكمة، وبذلك تستمر السلاسة بينهما دون انقطاع.

* الحد من التحايل بالتقارير الطبية التي مهما سعينا إلى ضبطها إلا أن هناك من يتلاعب بها.

كانت تلك بعض يسير من كل كثير للفائدة التي سنجنيها من تفعيل الحضور المدرسي عن بعد، وبما أن الشهادات العليا أصبحت تمنح عن بعد، كثير من جامعات تواكب لغة العصر في مختلف مناطق العالم، تقوم على أساس التعليم عن بعد وشهاداتها معتمدة.

فلماذا لا نطرح هذه المشكلة وإيجابيات التعليم المدرسي عن بعد على طاولة النقاش ونفكر فيه، لنكون سباقين ونطبقها في المدارس؟.