خلال الفترة الماضية تواصل معي بعض أمهات وآباء من عوائل معروفة ومحترمة، كاشفين وضع بناتهم وأبنائهم بسبب تعاطي المخدرات، ويشكون معاناتهم في كيفية السيطرة عليهم، ونقلهم للعلاج دون أذى لهم، وافتضاح أمرهم! وللأسف الشديد حاولت مساعدتهم فقط بإرشادهم للتواصل مع الجهات المعنية بالمكافحة والعلاج (لأنه لا سلطة ولا صلاحية لي بالتدخل أو التحويل)، لكنهم أبدوا انزعاجهم من آلية التواصل مع تلك الجهات، وصعوبة الوصول لمخرج مناسب ومُنقذ لوضع أبنائهم، وذلك للأسباب التالية:

عند الاتصال بالهلال الأحمر من أجل الحضور لنقلهم لمجمع إرادة للصحة النفسية، يواجهون صعوبة في ذلك (وقد يرتبط الأمر بضعف مهارة العاملين في الهلال الأحمر مع المتعاطين)! بعد النقل إذا تم بيسر وسلام، يتم الكشف على المتعاطي في قسم الطوارئ، وقد يظل تحت المتابعة 24 ساعه ويخرج بعدها، أو يتم تحويله للتنويم! بعد التحويل للتنويم، قد تكون فترة التنويم مناسبة لحالته، ويتم خروجه بعد تلقيه العلاج دون أي برنامج تأهيلي مع الأسرة من حيث كيفية التعامل مع ابنهم الذي يكون في بداية المقاومة لتوقفه عن التعاطي! ويعود للأسرة مرة أخرى، وقد تعود أغلب الحالات للتعاطي بسهولة، لعدم الرغبة في العلاج، أو لعدم قدرة أسرته على السيطرة على تحركاته، والتمكن من آليات التعامل معه خاصة وقت أخذه للعلاج! وقد يكون الحال أكثر سوءاً وألماً عندما تعتذر إدارة المستشفى عن عدم وجود سرير، وهذا الغالب يحدث مع كثير من الحالات (بالرغم من الإمكانات البشرية والمادية التي تقدمها الدولة لهذا القطاع الطبي الهام)!!. وهكذا ندور في حلقة مفرغة (دخول وخروج والعودة للتعاطي مرة أخرى) في ظل عجز الأسرة عن السيطرة على مصادر توزيع المخدرات التي يشتكون من استمراريتها وكثافتها بين الجنسين، ومن عجز الجهات الطبية في صياغة آلية للتدخل العلاجي بالتعاون مع الأسرة قبل خروج المتعاطي!. لذلك ما زلنا نتساءل في ظل تطور الخدمات الصحية، والبرامج الوقائية والتوعوية، والخدمات النفسية الإرشادية، وفي ظل الجهود العظيمة التي تبذلها الدولة في مجال المكافحة للمخدرات، ووجود اللجنة الوطنية للمخدرات (ما هي الحلول الجذرية لهذه القضية الخطيرة التي ما زالت هاجساً مقلقاً لكثير من الآباء والأمهات)؟ وأين مخرجات البرامج والحملات السابقة في مجال التوعية من هذه القضية الخطيرة؟! وما هي الحلول للحدّ من انتشار المخدرات بين الشباب والفتيات أيضاً بسهولة ودون رقابة قوية تقف حجر عثرة أمام المفسدين في الأرض!

مع الأمل في الحدّ من استمرارية شعار (لا يوجد سرير) في المستشفيات المتخصصة لعلاج المتعاطين! خاصة أن المراكز الخاصة تكاليفها عالية، وأغلب الأسر إمكاناتها لا تسمح بالتعامل معها حتى شفاء أبنائهم شفاء تاماً!!