الولاء والبراء أصل من أصول الاعتقاد، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة معلومة، ولاعبرة بأغاليط أهل الشهوات والانحلال، ولا بتنطّع أهل الشبهات والغلو.

فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، ينصرون دين الله ورسوله، وهذا الولاء من أصول الاعتقاد. ولهذا، فمحبة أنصار التوحيد الخالص لله تعالى، تُعد قربةً إلى الله وطاعة، ومن ذلك محبة الأنصار -رضي الله عنهم- لقيامهم بنصرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما جاء به من الأمر بالتوحيد، والنهي عن الشرك، فحبهم -رضي الله عنهم- علامة دالة على إيمان محبهم، كما أن بغضهم -رضي الله عنهم- علامة دالة على نفاق مبغضهم، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار».

وليس هذا الإيمان خاصا بمحبي الأنصار -رضي الله عنهم- بل هو عام في محبة كل من سلك سبيلهم في نصرة التوحيد، كما أن النفاق ليس خاصا بمن أبغض الأنصار -رضي الله عنهم- بل هو عام في كل من أبغض من ينصر دين الله، ويدعو إلى التوحيد.

وفي زماننا هذا، فإني أقول كما قال الشيخ ابن باز، رحمه الله، «لا توجد دولة بعد القرون المفضلة، نشرت التوحيد والعقيدة السلفية أفضل من السعودية، السعودية بلاد الحرمين، ومأرز التوحيد، ومنطلق الدعوة السلفية. العداء للدولة السعودية عداء للدين». وهذا أمر مشاهد لا مجال لإنكاره، فمن الذي يخدم الحرمين الشريفين؟ ومن الذي أمر بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف؟ ومن الذي أمر بإنشاء مجمع الملك سلمان لطباعة الحديث الشريف؟ ومن الذي جعل هذه البلاد ليس فيها وثنُ يُعبَد؟ ومن الذي جعل تدريس العقيدة الصحيحة في كل مراحل التعليم؟ ومن الذي جعل الجامعة الإسلامية تفتح أبوابها لمئات الجنسيات من المسلمين، ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم؟ ومن الذي جعل المحاكم في المملكة تحكم بشريعة الله تعالى؟ ومن الذي قال: إني والله، وبالله، وتالله، أقدّم دمي، ودم أولادي، وكل آل سعود، فداء لهذه الكلمة -كلمة التوحيد- لا إله إلا الله محمد رسول الله؟. إنهم «آل سعود» قادة هذه البلاد.

ولهذا، فإن محبة هذه الدولة السعودية وقادتها دين وإيمان، لأنهم ينصرون التوحيد والسنّة، وبغضهم فسق ونفاق، أقول هذا وأنا متخصص في العقيدة وأعلم ما أقول، والله يعلم أني أقول ذلك ديانة وعقيدة، وكل مسلم محب للتوحيد والسنّة -ولو لم يكن سعوديّا- يقوله ويعتقده.

ولست أقول إن بلادنا ليس فيها خطأ أو تقصير. كلا، الأخطاء توجد في كل زمان ومكان، حتى في زمن القرون المفضلة، وُجِد من يسرق ومن يزني، ومن يشرب الخمر، ولست في هذا أقارن تلك العصور المفضلة بعصرنا، حاشا وكلا، لكني أقول: إذا وُجدت الأخطاء في خير القرون، فطبيعي أن توجد تلك الأخطاء وزيادة عليها في هذه الأزمنة المتأخرة، ولكن مع هذا لا يوجد لبلادنا السعودية نظير اليوم، من جهة نصر التوحيد والسنة، التفتوا يمينا وشمالا وابحثوا، فإنكم لن تجدوا نظيرا للسعودية في نصرة التوحيد والسنة. وأما الأخطاء فهي -بحمد الله- تُعالَج، والحدود تُقام.

ومع هذه المميزات الطيبة للدولة السعودية، فإن المنافقين المعارضين بالخارج، الذين يدّعون الإصلاح كذباً وزورا، يبغضون التوحيد وأهله، ويوالون الشرك وأهله، ويطلبون المدد من أعداء الإسلام، للكيد لهذه البلاد وأهلها، فها هم مرتمون في أحضان الكفار، وأكبر همّهم سبُّ المملكة العربية السعودية التي هي بلاد التوحيد، ومأرز الايمان، وسبُّ ولاتِها وشعبها الذين هم أهل التوحيد، ولا يذكرون أي جهود لهذه البلاد وقادتها في خدمة الكتاب والسنة، فما تفسير ذلك؟.

لا تفسير عندي إلا أنهم منافقون، يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، ويوالون من حاد الله ورسوله، ويتبرؤون ممن نصر الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: «الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ».

ومن سنة الله تعالى، أنه سبحانه ناصر دينه ورسله وعباده المؤمنين، كما قال تعالى: «إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ».

فالواجب على كل مسلم أن يدافع عن معقل التوحيد المملكة العربية السعودية، ويدافع عن قادتها أنصار التوحيد، عقيدةً وقربة، بكل ما يملك، ولو بشطر كلمة، وأن يقذف بالحق على باطل المناوئين فيدمغه ويزهقه، فإن كيدهم ومكرهم مهما كبر في ضلال وسفال، والعامي من الموحدين، يغلب ألفا من هؤلاء المبغضين لدولة التوحيد والسنة «المملكة العربية السعودية»، وقديما قال ابن القيّم في نونيته:

واصدع بما قال الرسول ولا تخف

من قلّة الأنصار والأعوان

فالله ناصر دينه وكتابه

والله كاف عبده بأمان

لا تخشَ كثرتهم فهم همج الورى * وذُبَابُه، أتخاف من ذبان؟!