منذ فبراير الماضي، ومع إعلان ظهور كورونا من البوابة الشرقية «الصين»، بدأت الدول في أخذ احتياطاتها الاحترازية، خوفا من انتشار المرض ووصوله إلى مرحلة أن تعده منظمة الصحة العالمية وباء عالميا، في غضون شهرين تقريبا، مع أن الفيروس مضت عليه فترة طويلة، لكنه أخذ بُعده الإعلامي خلال الشهر الماضي وحتى اليوم، على منصات الفضائيات ومواقع التواصل، وبدأت حرب الأزمة والسباق حول حلول عاجلة احترازية تطهيرية، إلا أنه رافق هذا الوباء بروز مشكلات اقتصادية أيضا، قد تأخذ بالنزول الحاد لأسعار النفط في الأسواق العالمية. وبدأ الاقتصاد العالمي يشهد أزمة اختفاء بعض المنتجات في الأسواق العالمية نتيجة الهلع والتخوف من مستقبل غير واضح أمام المراقبين. أيضا ظهر اللون الأحمر على الأسواق العالمية وبورصاتها، حتى لاحظنا الهبوط الحاد لسعر البرميل من النفط، ونشأ تبعا له قوة القرار السعودي لمعالجة ما يطرأ في السوق البترولية، بضخ مزيد من الإنتاج اليومي للبترول، حفاظا على توفير السلعة في الأسواق العالمية، رغم تلاعب الدب الروسي وخداعه المعهود، لكن القوة والقرار في الرياض كالمتبع، وعملت بكل قوة للمحافظة على السوق حتى رأينا روسيا تدعو إلى حل عاجل عبر الدعوة إلى اجتماع طارئ للأوبك بلَسْ، وهو ما عهدناه من القرار السعودي الذي تقوده عقلية الإدارة في وزارة الطاقة، بتوجيهات الملك وسمو ولي العهد، والبحث عن توازن عاجل لاستقرار السوق وهو ما تنشده المملكة دوما في مؤتمراتها واجتماعاتها، مؤكدة عدم الإضرار بالمستهلكين مهما كلف ذلك. ورأينا وصول الإنتاج السعودي إلى 13 مليون برميل يوميا، وهو ما حرك شهية الروس وحرصهم على التواصل مع السعودية، لأنهم يدركون قوة الموقف، وسرعة القرار لمصلحة المنتج والمستهلك، وهو ما عهد عن القرار السعودي، ولعل هذه المواقف التي نسجلها هنا تدعوني لأسجل أيضا انتصارا مدروسا -بإذن الله- على محاصرة الوباء كورونا، وأخذ الاستعداد والاحتياطات في كل اتجاه، مما يسجل نجاحا لوزارة الصحة وفريق العمل واللجنة العليا ليل نهار، للحفاظ بعد توفيق الله على سلامة المواطن والمقيم، وتهيئة السبل التي تسهم في انحسار الوباء وعدم انتشاره، بدءا من تعليق تأشيرات العمرة والسياحة، وتعليق الدراسة مؤقتا، وصدور التوعيات والنشرات المستمرة، وأخذ الاحتياطات المناسبة في الموانئ والمطارات والمنافذ، ووضع الإمكانات المادية والمعنوية تحت تصرف اللجان العليا برئاسة وزير الصحة، والحرص على توجيهات القيادة، يرافق ذلك أيضا نجاح باهر للخطة التعليمية التي أشرفت عليها وزارة التعليم بتطبيق التعليم عن بعد، على المستويات التعليمية الحكومية والأهلية كافة، مما جعل التعليم مستمرا رغم التعليق المؤقت للحضور المباشر، وهو دليل تؤكده القدرة والقوة الفائقة لمتخذي القرار في السعودية، مما جعلنا -بإذن الله- مطمئنين على نجاح الخطة التعليمية والدراسة عن بعد، والتي تعطينا درسا في مواصلة الجهود المبذولة للتعليم الإلكتروني ودعمه، ووضع ميزانيات عالية له. أدام الله أمنه علينا، وأبعد عن الإنسانية كلها هذا الوباء إلى غير رجعة، وهو ما أعلنت عنه الصين، أمس، وأن المرض بدأ في الانحسار قليلا قليلا.

حمى الله الإنسانية من كل وباء، إنه على ذلك قدير.