أصبح الحديث عن فيروس كورونا «كوفيد-19» هو الموضوع الرئيس في أي اجتماع أو لقاء أو جلسة عائلية، أو حتى نقاش عام بين غرباء التقوا في «محطة بنزين».

الوباء صنّفته الصحة العالمية جائحة عالمية، بعدما وصل إلى «مرحلة حاسمة»، وهناك «احتمالات أن يتحول إلى وباء شامل»، أي أنه وصل إلى كل دول العالم أو 70 % على الأقل.

وبطبيعة الحال، تقاوم كل تلك الدول والحكومات هذا الوباء باجراءات احترازية، تختلف من دولة إلى أخرى، حسب طاقتها وقدراتها، وحتى قوتها في اتخاذ القرار الصحيح وتنفيذه بسرعة هائلة.

رأينا في إيران ودول أوروبا -تحديدا إيطاليا التي تعدّ بؤرة الفيروس في أوروبا- كيف أصبحت الوفيات والحالات المصابة فيها تتساوى مع الصين التي خرج منها الوباء، بل وتجاوزتها، إذ إن الصين في اليومين الماضيين لم تسجل ولا حالة إصابة بالفيروس، بينما الدول الأخرى المذكورة ما زالت في تزايد مستمر، لسوء تخطيط مواجهة الفيروس.

وشعوبٌ لا تتقيد بأوامر الحكومة، ورؤساء دول بلا إنسانية، لا يفترض بأمثالهم تولي سلطة بلد. الوباء لا أحد يشمت فيه، وأدعو الله أن يشفي كل مريض به في أنحاء العالم، ويحمي الجميع منه، ولكن هناك فرقا عندما أفخر ببلادي وحكومتي بإجراءاتها الاحترازية، وسرعة إصدارها القرار مقابل سرعة تنفيذه، ليس من جهة واحدة بل من جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والمواطنين أنفسهم على حد سواء، التزاما بالأوامر وتفاعلا معها.

كما أنه لم يختلف علينا الوضع -كمواطنين ومقيمين- كما حدث هناك، بل أصبح الوضع بمثابة إجازات استثنائية وراحة في المنازل وأجواء عائلية.

وعند الخروج للتبضع من المراكز التجارية، هدوء تام وأمان في الشوارع والمنازل والأحياء السكنية، بينما يكشف لنا المشهد في دول العالم الأول -والتي ذكرناها- العكس تماما. المصابون يتصرفون بكل وحشية وهمجية، يبصقون في الهواء وعلى أبواب المراكز العامة والمستشفيات، يتمسحون بكل ما يقابلونه حتى لنقل العدوى للآخرين السليمين. ازدحام شديد في مراكز بيع المواد الغذائية وصراعات بينهم، واشتباكات بالأيدي، وكأن الأكل سينتهي والحياة تتوقف، إضافة إلى انتشار الجريمة وضعف الأمن والأمان هناك.

العجيب في الأمر، أن بيننا أشخاصا يتساءلون بأسلوب استنكاري لمن ينتقد الدول الأوروبية وحكوماتها إزاء أخطائها في مواجهة كورونا، متهمين من يفعل ذلك بالداعشية. لطالما حوربت بلادنا من الإعلام الأجنبي بشكلَيْه المسموع والمقروء، وأطلق عليها أسوأ التهم وأبشعها. كما صوروها بصور لا إنسانية من هيئات حقوق الإنسان لتجريمها، وتراهم يبحثون عن أي حادثة أو مشكلة لتكون قصتهم الجديدة، التي يمررون معها أهدافهم ودعاواهم في التنقيص من بلادنا وحكومتنا والشعب نفسه.

ما قامت به بلادنا من جهود نفخر بها، ويحق لنا التباهي بها أمام تلك الدول التي سبق أن سخرت منا، والأخرى التي تحاول الإثارة والعبث ببلادنا.

ليس الأمر تشفيا ولا شماتة، ولكن دليل أنه لا الأرقام المزورة ولا الإحصاءات هي التي تصنف الدول بين متقدمة ومتحضرة، ومتخلفة وأخرى رجعية، الأزمات والكوارث الطبيعية كفيلة بإيضاح الأمور، وتبيان قوة الحكومات ورقي الشعوب وتطورها، اللهم احفظ هذا البلد -شعبا وحكومة- وزدها تقدما وتطورا ورفعة.