نصت الكثير من التشريعات الدولية لحقوق الإنسان على «مبدأ افتراض براءة المتهم»، وهو مبدأ قانوني، مفاده أن المتهم يعد بريئا إلى أن تثبت إدانته بحكم قضائي خلال محاكمة عادلة، وبالتالي هو ليس مطالبا بتقديم أي أدلة للدفاع عن نفسه؛ لأنه كما يفترض المبدأ ومهما كانت قوة الأدلة ضده فهو بريء إلى أن تحكم المحكمة بعكس ذلك. وبناءً عليه، فلا يجوز القبض على المتهم أو توقيفه حتى تثبت إدانته؛ لأن المتهم خلال فترة سير الدعوى الجزائية المقامة ضده «بريء» وله الحق في أن يبقى طليق السراح حتى تحكم المحكمة بإدانته، ورغم أهمية هذا المبدأ إلا أن كثيرا من العاملين في نظام العدالة الجنائية أساؤوا تفسيره أو فهمه مما يؤدي إلى عدم قبول هذا المبدأ أو النتائج المترتبة عليه، وقد ورد هذا المبدأ في المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم تبنيه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد ورد هذا المبدأ في الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه المملكة العربية السعودية، حيث جاء في المادة (16) «أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات وفقاً للقانون»، وكان للشريعة الإسلامية الأسبقية في إدراج هذه القرينة في قاعدة «الأصل براءة المتهم»، حيث فسرت الشريعة الشك لمصلحة المتهم؛ لأن الأصل براءته من الجريمة ومن العقوبة التي تترتب عليها، فإذا لم تثبت براءة المتهم على وجه الجزم واليقين، ولم تثبت إدانته على وجه الجزم واليقين فلا يبقى غير الشك، وحيث إن الشك لا يكفي للإدانة فإذاً يفسر للبراءة، ذلك أن الأحكام الجنائية لا تُبنى إلا على الجزم واليقين، وهي قاعدة تفرعت عن قاعدة مدنية مفادها (الأصل براءة الذمة) بمعنى عدم انشغال ذمة الإنسان بحق للغير حتى يقوم دليل على خلاف ذلك، وعلى من يدعي على غيره حقاً أن يثبت صحة ادعائه، وتجد قرينة البراءات المفترضة سنداً لها في الشريعة فلا توجد دعوى دون بينه، فقد روى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لو يُعطَى الناسُ بدعواهم لادَّعى رجالٌ أموالَ قومٍ ودماءَهم، ولكن البينةُ على المُدَّعي واليمينُ على من أنكر».