في الأزمات لا بد أن نتعلم كيف نستطيع استغلال ومعالجة نقاط ‏الضعف التي لم ننجح في معالجتها قبل الأزمة، واستثمار تلك النقاط ‏في ظل هذه الأزمة كونها قابلة وبسرعة للانتشار دون عناء السياسة ‏والاقتصاد.‏

وما أعني به تماما إعلامنا الخارجي بمختلف قطاعاته ومنصاته، ‏وتقاعسه في استغلال أزمة جائحة «كورونا» لصناعة محتوى ‏إعلامي مميز حول قدرات وإمكانات السعودية وآلية عمل وجهود ‏الحكومة بقيادتها الرشيدة في مواجهة هذه الجائحة، والتي كان من ‏الممكن الترويج لها خارج حدود الوطن وبلغات مختلفة.‏

مؤلم حقا أن نكون في عمق أزمة وبهذا المستوى المتقدم لحكومتنا ‏بكل قطاعاتها، والذي يفوق دولا كبرى ثم لا نجد إعلاما خارجيا ‏يصدر هذا المشهد بقوة واحترافية للعالم من حولنا، فكل ما أثبته ‏إعلامنا الخارجي حتى هذه اللحظة وفي هذه الأزمة تلبسه بمقولة ‏‏(على قدر الاتكاء يكون السقوط)، لأنه بالفعل يتّكئ على الإعلام ‏الداخلي، وسقوطه يتمحور في قاع إعادة التغريدات للجهات ذات ‏الاختصاص، أو ترجمة الأخبار والتصريحات والتقارير اليومية ‏لوزارة الصحة والتجارة وغيرها.‏

فلم يدرك بعد العاملون في الإعلام الخارجي أن جائحة «كورونا» ‏فرصة، لأن السعودية تضطلع بدور فاعل ومهم في العالم، سواء على ‏الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الإنساني أو الصحي، والتي كان ‏آخرها توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ‏بتقديم دعم مالي قدره 10 ملايين دولار أمريكي لمنظمة الصحة ‏العالمية لمكافحة جائحة كورونا «كوفيد – 19»، وترؤسه القمة ‏الافتراضية لمجموعة العشرين، والتي دُعيت إليها دول ومنظمات ‏أخرى عدة من خارج المجموعة لتنسيق الجهود العالمية لمكافحة ‏كورونا. ‏

فلم يغب انتهاز الفرص وصناعتها وترويجها للخارج عن إستراتيجية ‏عمل الإعلام الخارجي؟

ولماذا تموت تقارير وأرقام ومعلومات وقصص نجاح لجهود جبارة؟ ‏وكيف يتجاهل عمل الإعلام الخارجي كل المعايير العلمية والمهنية ‏الإعلامية؟ وهل ما قام به إعلامنا الخارجي أخرج صورتنا الحقيقية ‏أمام العالم ونحن نتمثل بقيمنا وأخلاقنا، وسياسة وثوابت وطن تحمل ‏مسؤولياتها الدينية والصحية والمالية؟. ‏

تساؤلات لا تنتهي وتحتاج إلى معالجة حقيقية، ولا أظن أن وزير ‏الإعلام المكلف والمبدع ماجد القصبي، سيجعلها تمر مرور الكرام ‏دون مساءلة ومحاسبة!!‏

الأمل معقود بوزير الإعلام الذي ننتظر منه أن يقرع جرس إغلاق ‏التعثر والانطلاق نحو أفق إعلامي أكثر مهنية وإبداعا وقوة توازي ‏قوة الوطن. ‏

وأخيرا ليس من العيب أن يتعلم الإعلام الخارجي من الإعلام ‏الخارجي الصيني، الذي لعب دوره الرائد في جائحة ‏كورونا، وأظهر ‏صورة مختلفة وراقية عن المجتمع الصيني، واستعرض قدرات ‏الحكومة الصينية بمختلف قطاعاتها في التعامل مع الأزمات، لتلميع ‏الصورة الذهنية للعالم الخارجي.‏